أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للأطفال

مرحلة الطفولة هي حجر الأساس في بناء العقيدة ، حيث يولد الطفل على الفطرة سهل الانقياد سريع التأثر هيِّنا ليِّنا ، يستطيعُ المربي توجيهه كيفما أراد ، فالطفل يتشرب عقائده من الجو المحيط به تشربا تلقائيا.
لذلك أوجب الله تعالى علينا الاهتمام بهم منذ أولى مراحل خلقهم ،كي نحيطهم بسياج رباني ونحميهم به بإذن الله تعالى من الشيطان الرجيم , هم أمانة استرعانا الله إياها ونحن مسئولون عنها قال تعالى : {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (المعارج:32)
لقد أصبحت الرسوم المتحركة تحتلُّ المركز الأول في الأساليب الفكريَّة المؤثِّرة على عقل الطفل، وكذلكَ غمس الطفلُ في بيئةٍ غير بيئتهِ ، وثقافةٍ غير ثقافته مِمَّا قد يخلق لدى الطفلِ عَدَمَ توافقٍ مع الحياةِ مِن حوْلـه ؛ لأنَّها تُخَالِفُ قناعاته ، وهذه فكرةٌ خطيرةٌ جِدًّا , وإنَّ قطاعًا كبيرًا مِن الآباءِ ، والأمَّهَاتِ لا ينتبه لخطورةِ أثرها على الأطفالِ، فيلجأُ إلى شغلِ أوقاتِ الصغارِ بها هَرَبًا مِن عُرِيِّ الفضائيات وتفسخها، والتماسًا لملاذٍ أمين وحِصْنٍ حصينٍ يَجِدُ فيه الأمنَ على أبنائه .

نقاط أساسية يجب التركيز عليها :
-------------------------
1- الطفولة هي فترة تهيئ الإنسان لاستقبال القيم و العقائد .
2- الأطفال يتأثرون بما يرون بنسبة تَفُوقُ الكبار ، بسبب مستوى قدراتهم العقلية المحدودة وقلة تجربتهم .
3 - بناء أساس قوي للفرد المسلم له أهمية كبيرة وبهذا نتمكن من غرس العقيدة الصحيحة التي يستطيع معها الطفل نقد وصد ما يخالفها عندما يكبر .
4 - ما يكتسبه الطفل من قيم و عقائد له أثر عظيم في تكوين شخصيته بحيث لا يمكن إغفاله.
5 - العقيدة التي ترتبط بفكر الطفل عن الله تعالى في طفولته ستبقى وتعلق وترسخ وسيقوم عليها بناء عقدي سليم .
6 - كلما بدأنا بتقويم الانحرافات العقدية مبكرا زادت أمامنا فرص الإصلاح .
7 - يوجد في وسائل الإعلام المتعلقة بالطفل ما هو جيد وما هو رديء ، فمن المهم جدا تتبع آثار وسائل الإعلام في أفكارنا وسلوكنا ، وخاصة ما يتعلق بالطفل المسلم .
دراسات حول القضية :
1_علاقة عمر الطفل بحجم التعلق بوسائل الإعلام
دلت نتائج الدراسة أن تعلق الأطفال بوسائل الإعلام بلغ 75% لدى الإناث عند عمر ثلاث سنوات و70% لدى الذكور عند عمر خمس سنوات .
2 _ الوسيلة التي يقبل الأطفال على مشاهدتها
دلت نتائج الدراسة أن 50% يقبلون على مشاهدة الفضائيات بينما 40 % يقبلون على مشاهدة الفيديو و10 % يقبلون على مشاهدة التلفاز .
3_ أثر محتوى الرسوم المتحركة على نفسية الطفل
دلت نتائج الدراسة أن أعلى تأثير نفسي على الإناث كان عند تخيل الجن والشياطين حيث بلغت نسبته 56 % بينما أعلى نسبة لدى الذكور كانت عند تخيل وجود شرور في الفضاء وذلك بنسبة 53 % .

الخصائصِ التي ينبغي أنْ يضعها صانعو برامجِ الأطفال أمامَ أعينهم ، وهي :
--------------------------------------------------------
1_ البعدُ عن إنتاجِ أو إعادةِ إنتاج ِما فيه زرعُ الخوفِ في قلبِ الطفلِ
فهو في مرحلةٍ مهيأٌ نفسياً لتقبل هذهِ المثيراتِ والتأثُّرِ بها , حيث أنَّ الطفلَ مِن سنتين إلى خمسِ سنواتٍ يخافُ مِن الوِحْدَةِ ومِن الناِر ومِن بعضِ الحيواناتِ ومِن الأشياءِ الخياليةِ مِثلَ الأشباحِ والعفاريت.
فينبغي تجنبُ تصويرِ هذهِ المشاهدِ التي لَنْ تُخْرِجَ لنا إلا أطفالاً مضطربين نفسياً يعتريهم الخوفُ الذي قد يصلُ بهم إلى المرضِ والعياذُ باللَّه ،
2_إنَّ بناءَ شخصيةِ الطفلِ التي تتم بواسطةِ رسومه المتحرّكة ينبغي أنْ تكونَ عناصرُ بِنَاءِهَا مُتَّسِمَةً ببثِّ القيمَ مِن خلالِ القوالبِ المرِحَة والأفكارِ التفاؤليةِ السعيدة .
3– الإفراطُ في استخدامِ الخيالِ أمرٌ في غايةِ الخطورةِ على تكوينِ مُدْرَكَاتِ أطفالنا
فينبغي أنْ يكونَ إدراجه بصورةٍ قليلة ؛ إذْ هو على الطفلِ أعظمُ خطرًا منه على الكبير فينبغي عدمُ الإفراط فيما هو تَخَيُّلِيٌّ بل يجبُ أنْ ترتبطَ الرسوم المتحركة بالحياةِ الواقعيةِ حتى يتمكنَ أنْ ينمي الأطفالُ ميولهم نحو أشياءَ حقيقيةٍ في المجتمعِ الذي يعيشونَ فيه
وأيضاً ينبغي تجنبُ المبالغةِ في القِصَصِ الخياليةِ رغمَ أهميتها في اتساعِ خيالِ الطفلِ وخصوبةِ تفكيرهِ حتى لا يؤدي ذلكَ إلى تشويهِ الحقائق المحيطة به وتقوية نموه العقلي .
وهذا لنْ يَتِمَّ إلا إذا أحسنَ الجميعُ مِن والدين ومسئولي إعلام ومنتجي رسوم متحرّكة تحديدَ الهدفِ مِن هذا العملِ هل هو تسليةٌ أمْ لتحقيقِ أهدافٍ تَمَّ تحديدها وبعد ذلكَ يتم العمل .
الواجبُ علينا أنْ نسعى جاهدينَ لغرسِ العقائدِ الإسلاميةِ بدءً بالإيمانِ باللَّه وانتهاءً باليومِ الآخِر .

نتيجة :
------
- أظهرت الدراسةُ أنَّ فترةَ تَعَلُّق الأطفال بوسائل الإعلام مرتفعةٌ عند سِنِّ الثالثة للذكور ، والخامسةِ للإناث ، وهذه أخطر مراحلِ نمو الطفل وبناء أفكاره ومعتقداته .
- أظهرت الدراسةُ عدمَ إدراك نسبة عالية مِن الأمهات لدور الرسوم المتحركة في ترسيخ القيم العقدية الصحيحة مِن عدمها لدى الأطفال ؛
- أظهرت الدراسةُ دورَ الرسوم المتحركة في بناءِ خيالِ الطفل ، الذي يقوده لِتَبَنِّي قناعاتٍ في غاية الخطورة على نفسية الطفل وعقليته .
- أنَّ قضيةَ الرسوم المتحرّكة وأثرها على الطفلِ رغمَ ما وقفتُ عليه مِن تحذيراتٍ مِن عدد مِن المهتمين بالطفولةِ ؛ غيرَ أنَّ هذه القضيةَ ورغمَ عِظَمِ مُتَعَلّقِهَا لَمْ تُطْرَحْ بصورةٍ تلاءم وتساوي مستوى الخطر المحدق بأطفالنا .
- مِن الآثارِ الخطيرةِ أيضًا إضعافُ انتماءُ الطفلِ لبيئته ووطنهِ ؛ لأنَّ غالبَ ما يشاهده ويتربَّى عليه في الرسوم المتحرّكة مِن بيئةٍ وأشخاص مِن مجتمعٍ لا ينتمي لمجتمعنا لغةً ولا سِمَة.
- إنَّ مِن أسبابِ تأثير الرسوم المتحركة على أطفالنا التقصيرُ في جانب الحوار مع الأطفال ، وهذا مطلبٌ نفسيٌّ ينبغي العنايةُ بتحقيقه للوقوفِ على ماهيةِ أفكارِ أطفالنا وإصلاحِ الخلل أولاً بأوّل .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوركت اخي الكريم أ. حسام كيوان
موضوع مميز نسأل الله ان يجعله
في ميزان حسناتك
مع التحية

بارك كالله في

أهلا وسهلا فيك أخي الكريم