تربية الأبناء.. عناء للآباء.. ولگن!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تربية الأبناء.. عناء للآباء.. ولگن!
بسم الله الرحمن الرحيم
تربية الأبناء.. عناء للآباء.. ولگن!
الرياض: د. عقيل العقيل
إن أهم ثروة يملكها المرء، بل يملكها الوطن هي أبناؤه فبسلامة هؤلاء الأبناء يسلم الوطن وباستقامتهم تستقيم أموره وهم رفد لوالديهم في الدنيا والآخرة ودرع حصين للوطن يذود عنه. وفي هذا الوقت ومع كثرة المتغيِّرات وتداخل الثقافات عبر المد الفضائي والتقنيات الحديثة المتطورة والمتسارعة نجد أن الآباء والأمهات قد يجدون شيئاً من المعاناة في تربية أبنائهم إذا أصبح الشاب أو الشابة يجد أمامه الكثير من القنوات وبصور مختلفة متباينة فيها الصالح والطالح فيها الغث والسمين.
ولقد تحدث لـ(الدعوة) مجموعة من المشايخ مبينين أهمية التركيز في تربية الأبناء وأن يكون ذلك منطلقاً من منطلقات الواقع المشاهد الملموس وأن يعيش الآباء والأمهات الواقع وما يدور فيه لكي تؤتي توجيهاتهم ثمارها يانعة بإذن ربها.
أمواج متلاطمة
فتحدث الشيخ سلطان بن معوض الحارثي خطيب جامع أبي عبيدة بالرياض أستاذ العلوم الشرعية بالحرس الوطني فقال: إن مهمة الأولاد مهمة عظيمة يجب على الآباء أن يحسبوا لها حسابها ويعدوا العدة لمواجهتها خصوصاً في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدت غربة الدين وكثرت فيه دواعي الفساد حتى صار الأب مع أولاده بمثابة راعي الغنم في أرض السباع الضاربة إن غفل عنها أكلتها الذئاب وكما أن للأب حقاً على ولده فللوالد حق على أبيه، قال بعض العلماء: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده وقد قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ } [النساء: 11]. وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: 31]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعدلوا بين أولادكم” فوصية الله للآباء بالأولاد سابقة على وصية الأولاد بآبائهم فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاءهم الفساد بسبب إهمال الآباء وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه وأضاعوهم صغاراً فلم ينفعوا أنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً، عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً.
مسؤولية الآباء
أيها الآباء: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حملكم مسؤولية أولادكم وأمركم بتربيتهم على أداء الصلوات فعلموهم كيف يتطهرون وكيف يصلون واسلكوا معهم مسالك التدرج بهم حسب أسنانهم، فالابن في سن السابعة يتقبل الأوامر وينصاع للتوجيهات ومن الخطأ تعنيفه أو ضربه أما في سن العاشرة فقد أدرك واستشعر المسؤولية وعواقب الأمور فخطأه كما كان في سن السابعة فيضرب خاصة على تركه الصلاة وعدم المحافظة عليها، قال صلى الله عليه وسلم: “مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرّقوا بينهم في المضاجع).
للفساد الخلقي أسباب ومن هذه الأسباب عدم التفريق بينهم في المراقد فينام بعضهم إلى جانب بعض وفي هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم يحذر خشية الوقوع في المحذور. لقد صرتم أيها الآباء مسؤولين عنهم في مراقدهم كما أنكم مسؤولون عنهم في حال يقظتهم، كذلك أنتم مسؤولون عن توجيهه أولادكم الوجهة الصالحة فلا تتركوهم يقرؤون من الكتب والجرائد والمجلات ما هبَّ ودبَّ فإن في كثير منها السمّ القاتل فأرشدوهم إلى قراءة الكتب النافعة والمجلات المفيدة ووفروها لهم وإذا كنتم لا تعرفون المفيد منها فاسألوا أهل العلم واطلبوا منهم أن يختاروا لكم منها ووفروها لأولادكم.
الدعوة للصلاح
أدعو الله أن يصلح أولادكم كما دعا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، حيث قال: { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ } [إبراهيم: 35]. وقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات: 100]. وقال: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} [البقرة: 128]. وكما دعا زكريا عليه السلام، حيث قال { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} [آل عمران: 38]. هذه دعوات الأنبياء لأولادهم فاقتدوا بهم في ذلك.
إن الولد الصالح ينفع والده حياً وميتاً قال صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” ولا شك أن الأولاد إما أن يكونوا نعمة على والديهم أو نقمة ولذلك أسباب أهمها التربية كما أن الوالد قد يكون سبباً لسعادة الولد أو شقاوته قال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} [الكهف: 82]. وقال صلى الله عليه وسلم: “كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه” فليكن ذلك منكم على بال.
نصائح وتوجيهات
هذه بعض النصائح والتوجيهات والوصايا أرجو أن تستصحبها معك حال أدائك لعبادة التربية وواجب التوجيه لفلذات الأكباد.
- الذكر بصوت مسموع أمام الأولاد وتعويدهم عليه.
- ملاحظة أن أفعال وأقوال الكبار من صدق وكذب تنعكس على الصغار.
- معرفة أصدقاء الأولاد بطريقة مناسبة وحثهم على الصحبة الطيبة.
- الصبر وعدم الشكوى من تربية الأولاد والاستعانة بالله والدعاء لهم بالصلاح.
- ضرورة العدل في المعاملة والأعطيات بين الأولاد.
- ربط التوجيهات والأوامر والنواهي بالله عزَّ وجلَّ وليس بالعادات والتقاليد.
- توجيه الطفل بالترغيب أكثر من الترهيب.
- الدعاء للأولاد وعدم الدعاء عليهم وتلمس أوقات الإجابة.
- التركيز على الابن الأكبر في تربيته لأن ما بعده تبع ومقلدون له.
- استثمار جلسة العائلة في التوجيه والإرشاد.
- كثرة التحذير يولد الخوف.
- كثرة الاحتياط تولد الوسوسة.
- كثرة التدخل في دقائق الأمور تفسد العلاقة.
- التربية على الاعتماد على النفس وقضاء الأمور بنفسه.
- توجيه الأبناء من منطلق شرعي وليس عاطفياً.
ثم تحدث الشيخ حمود بن محسن الدعجاني عضو الجمعية الفقهية السعودية فقال:
إن الأولاد (بنين وبنات) أمانة عظيمة في أعناق الوالدين فالإحسان إليهم والحرص على تربيتهم أداءً للأمانة والإهمال والتقصير في ذلك غش وخيانة وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم: 6]. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة” متفق عليه.
فالواجب على المسلمين الحذر من تضييع هذه الأمانة العظيمة فهم مسؤولون عنها كما قال صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع ومسؤول عن رعيته” متفق عليه.
والتقصير والإهمال في تربية الأولاد له مظاهر نشاهدها بين الناس ومنها عدم التوسط بين الشدة واللين وحرمان الأولاد من العطف والشفقة والحنان وعدم العدل بين الأولاد في العطية وتأخير تزويج الأبناء والبنات مما يعرضهم للفتن والانحراف وأيضاً مما يلاحظ ويكون من أسباب انحراف الأولاد المكث طويلاً خارج المنزل وفعل المنكرات أمام الأولاد “بنين وبنات” كشرب الدخان ومشاهدة المسلسلات والأفلام الهابطة وتبرج المرأة أمام بناتها، وأيضاً مما يسبب انحراف الأولاد جلب المنكرات للمنزل التي تهدم الدين وتفسد الأخلاق كالقنوات الهابطة والمجلات الخليعة، وأيضاً مما يسبب انحراف الأولاد ترك البنات يذهبن إلى الأسواق بدون محرم والخلوة بالسائقين الأجانب.
القدوة الصالحة
وأضاف: من الوسائل المعينة على تربية الأولاد العناية باختيار الزوجة الصالحة والدعاء للأبناء والبنات بالصلاح والاستقامة والحرص على القدوة الصالحة أمام الأولاد والحرص على تحفيظهم كتاب الله وتعويدهم على أداء الأعمال الصالحة والجد والاجتهاد في كل خير والبعد عن الكسل والبطالة وسيئ الأخلاق.
وللآباء دور عظيم في حماية الأولاد من الأفكار الضالة والمناهج المنحرفة وذلك بمراقبتهم وعدم الغفلة عنهم واختيار الصحبة الصالحة لهم ممن يعرف بسلامة العقيدة والبعد عن الأفكار الضالة والمناهج المنحرفة وحيث كثرت في هذه الأزمنة الفتن وكثر دعاة الضلالة فلا بد للآباء من حماية أولادهم وخصوصاً من التجمعات المشبوهة ومن السفر خارج البلاد وهم صغار السن لأن ذلك يعرضهم لما يفسد دينهم وأخلاقهم ويعرضهم للتأثر بمناهج أهل البدع والضلال.
ضحايا الخلافات الزوجية
وحول أهمية مراعاة تصرفات الأبناء وما قد يعانونه من انعزالية أو انطوائية تحدث د. سعد بن محمد الفياض المشرف التربوي بإدارة التعليم بالرياض فقال: الانعزالية أو الانطوائية هي حالة نفسية يعيشها بعض أبنائنا تظهر من خلال قسمات وجه ذلك الطفل وتأتأة لسانه وتلعثم كلماته ويضادها حالة المشاكسة والعدوانية والتي تبرز ملامحها من خلال مشاكله مع الآخرين وكثرة اعتدائه عليهم.. وهاتان الحالتان النفسيتان وإن كانتا متضادتين إلا أن أسبابهما واحدة ومسبباتهما مشتركة من خلال الطريقة والأسلوب الذي ننتهجه مع أطفالنا سواء كانت مباشراً أو غير مباشر.. فالمباشرة كالقسوة في حقهم والعنف في معاملتهم بالضرب أو التهديد.. أو غير المباشر كأن يكونوا ضحية لمشاكلنا الزوجية وتوتر علاقاتنا وعلى رأسها مشكلة الطلاق بين الزوجين والتي نتائجها لا تنحصر على الأب والأم فقط، بل يتعداهما إلى أبعد من ذلك إلى الأولاد وربما المجتمع كله وذلك إذا لم نتعامل مع قضية الطلاق التعامل الشرعي العادل الذي لا يكون فيه ضرر ولا ضرار وكذلك قضية العقاب بالنسبة لأطفالنا فالإسراف المفرط في العقاب واستخدام أساليب غير تربوية يكون لها الأثر البالغ من حيث تحطيم نفسياتهم وزرع نبتة الكره في قلوبهم مما ينتج عن ذلك سلوك جنائي وربما إجرامي في حق نفسه أولاً وفي الآخرين ثانياً وكل هذا ناتج عن سوء معاملتنا معهم وربما بسبب مشاكلنا التي نحمّل بعضهم جريرتها.
الشعور بالانتماء
لذا فأبناؤنا بحاجة ماسة من أجل تخليصهم من هذه الأمراض النفسية إلى أمن نفسي وأمن عاطفي.. هم في حاجة إلى من يشعرهم بالانتماء لأنفسهم ولأسرتهم ومجتمعهم يشعرون فيه بالحماية من كل ما يهدد أمنه واستقراره، بل حاضره ومستقبله.. هو بحاجة إلى محب يشفق عليه يبادله الحب يشبع عاطفته.. يعامله بالحوار الهادئ والنقاش المحترم الذي يقدِّر فيه ذاته ويحترم شخصيته مهما كانت سنه أو عمره.. إنه بحاجة إلى قبول واعتراف واعتبار من الآخرين.. بحاجة لشعور بالحرية والاستقلال وإعطائه الثقة في نفسه مع البعد عن الشك أو الريب أو التهديد والوعيد والتحقير والتعبير أو السب والشتم وكلمات التنقص والازدراء.. إنه يريد أن يعرف نفسه ويحدد هويته ويعرف ما له وما عليه بالأسلوب الراقي والمعاملة الحسنة {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً} [طه: 44]. {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]. عندها ستنتهي مشاكل أبنائنا وسنسعد بهم وسيسعدون بنا ولن يكون للآخرين الذين يصيدون في الماء العكر عليهم سبيل لا إرهاباً ولا انحرافاً.
الراعي والرعية
ثم تحدث د. نهار بن عبدالرحمن العتيبي عضو الجمعية الفقهية السعودية فقال: لقد أمر الله تعالى الأب بحسن تربية أبنائه من بنين وبنات وذلك من خلال أمرهم بما فيه صالحهم ونهيهم عما فيه ضرر عليهم في دنياهم وآخرتهم، ولذلك جعل الله تعالى الأبناء أمانة في عنق والدهم وكذلك والدتهم وسوف يسألهم عن هذه الأمانة يوم القيامة، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه يوم القيامة أحفظ ذلك أم ضيّعه؟”، وثبت في الصحيحين أنه قال: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته” ولذلك نجد أن الخالق سبحانه وتعالى قد أمر الأب بأمر أهله بالصلاة وبكل واجب من الواجبات والأمر هنا للوجوب، أي يجب على الأب وكذلك الأم أن يأمرا أبناءهما بذلك، ويتضح ذلك من قول الله عزَّ وجلَّ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، وقوله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6] . وبالتالي فالواجب على أولياء الأمور أن يعتنوا بتربية أبنائهم من الصغر بالتوجيه والعناية والأمر بالمعروف وبيان الصحيح من الخطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرَّقوا بينهم في المضاجع” رواه أبو داود بسند حسن.
وقد أحسن من قال:
عود بنيك على الآداب في الصغر
كيما تقر بهم عيناك في الكبر
فإنما مثل الآداب تجمعها
في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
مظاهر التقصير
ثم تحدث الشيخ حمود بن محسن الدعجاني عضو الجمعية الفقهية السعودية فقال: تواترت الأدلة من الكتاب والسنّة على الإحسان إلى الأولاد، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم “كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته” ومن مظاهر التقصير والخطأ في تربية الأبناء ما يلي:
- تربيتهم على الميوعة والفوضى.
- الإهمال في أمرهم بالأوامر الشرعية.
- الشدة والقسوة في غير محلها.
- شراء السيارات لهم وهم صغار.
- حرمانهم من العطف والشفقة.
- تأخير تزويج الأبناء والبنات.
- حفل المنكرات أمام الأبناء.
- ترك البنات يذهبن إلى الأسواق بدون محرم.
- الغفلة عما يشاهده ويقرؤه الأولاد.
- عدم الحرص على تحفيظ الأبناء كتاب الله منذ الصغر.
مسؤولية عظيمة وأمانة جسيمة
وتحدث الشيخ د. علي بن عبدالعزيز الشبل أستاذ العقيدة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بكلية أصول التربية فقال: إن الواجب على الوالدين وأولياء أمور الأبناء عظيم وأمانة جسيمة تحمَّلوها بما أوجب الله عليهم من حق ولهم من البر وعليهم من التبعة، كما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع ومسؤول عن رعيته، والأم راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها”.
وكما أوجب الله على الأب النفقة على أولاده وأهله وجوباً عينياً، كذلك أوجب عليهم الأخذ بحجزهم عن عذاب الله، ووقايتهم من غضبه بأن يعتنوا بهم بما يوقعهم في أسباب ذلك، كما قال سبحانه .{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]. فهذا هو مدار ومناط المسؤولية الملقاة على عواتق الآباء والأمهات.
مراعاة نفسيات الأبناء
وفي هذا المقام يجب على الوالدين بالخصوص مراعاة نفسيات أبنائهم وبناتهم وأحوالهم الاجتماعية وحاجاتهم، فمثلاً باستثمار أوقات اجتماع الأسرة في المنزل وعلى الطعام بإحساسهم بأهميتهم ودورهم، والتعاطي معهم في مشاكلهم والتفاعل معهم بما يحمّلهم المسؤولية بالرجولة للأبناء، وتعميق معاني الأنوثة للبنات. ومن ذلك:
1- تكليف الأبناء الكبار بمسؤولية رعاية البيت وحاجاته، والقوامة على أهله.
2- تعويدهم على الأخلاق الكريمة من الكرم والإيثار ومساعدة الناس، وإبراز معاني الرجولة فيهم ومنهم ولهم.
3- مصاحبتهم للمساجد وأماكن اجتماع الرجال من الأقارب، وإسماعهم الخير وأخبار الأوائل مما فيه معالي الأمور ومحامدها، مما ينعكس على نفسيته وفكره.
الخصوصية والمشورة
وفي جانب الأولاد من البنات:
- تعويد البنت على أعمال البيت بمساعدتها والدتها في الطبخ والترتيب والكي ونحو ذلك، ولا سيما في أوقات الإجازة، وحبذا فقد الخادمة في هذا الجانب ليحصل تمام تحمّل المسؤولية، وهذه مسؤولية الأم بالدرجة الأولى، ومن ورائها الأب.
- المحافظة على البنات من نواح اللباس والزينة والاجتماع بالأقارب صيانة لدينهم وأخلاقهم ومروءاتهم.
- عرض خصوصيات البيت على البنات من جهة المشورة وأخذ الرأي فيما هو من اختصاصهن، مما يعكس عليهن تحمّل المسؤولية، واعتبارهن فاعلات في المنزل رأياً وحكماً وحالاً.
وأهم ما يناول الجميع حفظ الوقت فيما ينفع الجميع من الأسرة والأولاد والبنات، ولا سيما فيما يربي فيهم جانب الإيمان وحسن الخلق وجميل التعامل.
ومما يحسن التنويه به وعليه برامج تحفيظ القرآن واستغلال قدرات الأبناء الذهنية والنفسية وعامل الوقت بتنمية هذه المواهب فيهم وتشجيعهم عليها.
ولا بد من التنويه بدور السفر في هذه الأيام وحبذا توظيفه في عبادة وسفر طاعة من عمرة للبيت الحرام، وزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الأقارب، ولا سيما الوالدين أو أحدهما، مع التأكيد والتشديد على حفظ الأولاد من التسيّب والتسكّع في البلد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في الأسواق والساحات والممرات لئلا يفتن أو يُفتن أو يضللن أو يُضللن، وللأبناء من ذلك نصيبهم وعليهم واجبهم.
معاملة خاصة
ثم تحدث الشيخ ناصر بن غازي الحربي أستاذ العلوم الشرعية في مدرسة محمد بن كعب بالرياض فقال: أوصى الإسلام بتربية الأولاد تربية صالحة، فأول معلم ومربٍّ هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه قال: توفي رسول الله وما طائرٌ يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علم”.
فكان عليه الصلاة والسلام نعم المربي والمعلم، فقد مرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة وعندما رأى الحسن والحسين بدأ يقبل هذا من هاهنا وهذا من هاهنا فكان يعامل الأولاد معاملة خاصة. ولا ننس عمر بن الخطاب كيف يعامل ابنه عبدالله العالم الجليل يحاكيه كأنه صديق له، ويتناصح معه.
فيجب على الأب المسلم أن يراعي أولاده بطاعة الله عزَّ وجلَّ لأن هذه أمانة في عنقه يختار له الجلساء الصالحين، ويصادقه ويعامله معاملة خاصة، خاصة إذا بلغ رشده. أما إذا كان طفلاً فيداعبه ويلاعبه ولا يلق له الضجر والكراهية يحببه فيه. يتابع أموره يسأل عنه في مدرسته ويحسسه أنه موجود معه.
وصايا لقمان لابنه
ولنا قدوة في وصايا لقمان لابنه في سورة لقمان. ومن وصاياه: يا بني عود لسانك اللهم اغفر لي، فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً.
يا بني: اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الأرباح من غير تجارة.
يا بني لا تكثر النوم والأكل، فإن من أكثر منهما جاء يوم القيامة مفلساً من الأعمال الصالحة.
يا بني بئراً شربت منه لا ترمي فيه حجراً.
يا بني: زاحم العلماء بركبتيك، وأنصت لهم بأذنيك فإن القلب يحيا بنور العلماء.
يا بني: إذا كنت في صلاتك فاحفظ قلبك. وإذا كنت في مجلس الناس فاحفظ لسانك. وإذا كنت في بيوت الناس فاحفظ بصرك. وإذا كنت في طعام فاحفظ معدتك. واثنان لا تذكرهما أبداً: إساءة الناس إليك، وإحسانك للناس.
ولا تنس معلم البشرية كيف يوصي أصحابه بمعاملة أبنائهم. “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.
فيجب على الأب أن يوصي الابن بطاعة ربه ومحبة نبيه عليه الصلاة والسلام.
هذا ما أوجب علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا في الدنيا والآخرة، الكلام كثير ولكن أسأل الله العظيم من فضله أن يصلح أبناءنا وبناتنا.
تربية الأبناء.. عناء للآباء.. ولگن!
الرياض: د. عقيل العقيل
إن أهم ثروة يملكها المرء، بل يملكها الوطن هي أبناؤه فبسلامة هؤلاء الأبناء يسلم الوطن وباستقامتهم تستقيم أموره وهم رفد لوالديهم في الدنيا والآخرة ودرع حصين للوطن يذود عنه. وفي هذا الوقت ومع كثرة المتغيِّرات وتداخل الثقافات عبر المد الفضائي والتقنيات الحديثة المتطورة والمتسارعة نجد أن الآباء والأمهات قد يجدون شيئاً من المعاناة في تربية أبنائهم إذا أصبح الشاب أو الشابة يجد أمامه الكثير من القنوات وبصور مختلفة متباينة فيها الصالح والطالح فيها الغث والسمين.
ولقد تحدث لـ(الدعوة) مجموعة من المشايخ مبينين أهمية التركيز في تربية الأبناء وأن يكون ذلك منطلقاً من منطلقات الواقع المشاهد الملموس وأن يعيش الآباء والأمهات الواقع وما يدور فيه لكي تؤتي توجيهاتهم ثمارها يانعة بإذن ربها.
أمواج متلاطمة
فتحدث الشيخ سلطان بن معوض الحارثي خطيب جامع أبي عبيدة بالرياض أستاذ العلوم الشرعية بالحرس الوطني فقال: إن مهمة الأولاد مهمة عظيمة يجب على الآباء أن يحسبوا لها حسابها ويعدوا العدة لمواجهتها خصوصاً في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واشتدت غربة الدين وكثرت فيه دواعي الفساد حتى صار الأب مع أولاده بمثابة راعي الغنم في أرض السباع الضاربة إن غفل عنها أكلتها الذئاب وكما أن للأب حقاً على ولده فللوالد حق على أبيه، قال بعض العلماء: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده وقد قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ } [النساء: 11]. وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء: 31]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعدلوا بين أولادكم” فوصية الله للآباء بالأولاد سابقة على وصية الأولاد بآبائهم فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاءهم الفساد بسبب إهمال الآباء وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه وأضاعوهم صغاراً فلم ينفعوا أنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً، عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً.
مسؤولية الآباء
أيها الآباء: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حملكم مسؤولية أولادكم وأمركم بتربيتهم على أداء الصلوات فعلموهم كيف يتطهرون وكيف يصلون واسلكوا معهم مسالك التدرج بهم حسب أسنانهم، فالابن في سن السابعة يتقبل الأوامر وينصاع للتوجيهات ومن الخطأ تعنيفه أو ضربه أما في سن العاشرة فقد أدرك واستشعر المسؤولية وعواقب الأمور فخطأه كما كان في سن السابعة فيضرب خاصة على تركه الصلاة وعدم المحافظة عليها، قال صلى الله عليه وسلم: “مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرّقوا بينهم في المضاجع).
للفساد الخلقي أسباب ومن هذه الأسباب عدم التفريق بينهم في المراقد فينام بعضهم إلى جانب بعض وفي هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم يحذر خشية الوقوع في المحذور. لقد صرتم أيها الآباء مسؤولين عنهم في مراقدهم كما أنكم مسؤولون عنهم في حال يقظتهم، كذلك أنتم مسؤولون عن توجيهه أولادكم الوجهة الصالحة فلا تتركوهم يقرؤون من الكتب والجرائد والمجلات ما هبَّ ودبَّ فإن في كثير منها السمّ القاتل فأرشدوهم إلى قراءة الكتب النافعة والمجلات المفيدة ووفروها لهم وإذا كنتم لا تعرفون المفيد منها فاسألوا أهل العلم واطلبوا منهم أن يختاروا لكم منها ووفروها لأولادكم.
الدعوة للصلاح
أدعو الله أن يصلح أولادكم كما دعا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، حيث قال: { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ } [إبراهيم: 35]. وقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات: 100]. وقال: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} [البقرة: 128]. وكما دعا زكريا عليه السلام، حيث قال { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} [آل عمران: 38]. هذه دعوات الأنبياء لأولادهم فاقتدوا بهم في ذلك.
إن الولد الصالح ينفع والده حياً وميتاً قال صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” ولا شك أن الأولاد إما أن يكونوا نعمة على والديهم أو نقمة ولذلك أسباب أهمها التربية كما أن الوالد قد يكون سبباً لسعادة الولد أو شقاوته قال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} [الكهف: 82]. وقال صلى الله عليه وسلم: “كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه” فليكن ذلك منكم على بال.
نصائح وتوجيهات
هذه بعض النصائح والتوجيهات والوصايا أرجو أن تستصحبها معك حال أدائك لعبادة التربية وواجب التوجيه لفلذات الأكباد.
- الذكر بصوت مسموع أمام الأولاد وتعويدهم عليه.
- ملاحظة أن أفعال وأقوال الكبار من صدق وكذب تنعكس على الصغار.
- معرفة أصدقاء الأولاد بطريقة مناسبة وحثهم على الصحبة الطيبة.
- الصبر وعدم الشكوى من تربية الأولاد والاستعانة بالله والدعاء لهم بالصلاح.
- ضرورة العدل في المعاملة والأعطيات بين الأولاد.
- ربط التوجيهات والأوامر والنواهي بالله عزَّ وجلَّ وليس بالعادات والتقاليد.
- توجيه الطفل بالترغيب أكثر من الترهيب.
- الدعاء للأولاد وعدم الدعاء عليهم وتلمس أوقات الإجابة.
- التركيز على الابن الأكبر في تربيته لأن ما بعده تبع ومقلدون له.
- استثمار جلسة العائلة في التوجيه والإرشاد.
- كثرة التحذير يولد الخوف.
- كثرة الاحتياط تولد الوسوسة.
- كثرة التدخل في دقائق الأمور تفسد العلاقة.
- التربية على الاعتماد على النفس وقضاء الأمور بنفسه.
- توجيه الأبناء من منطلق شرعي وليس عاطفياً.
ثم تحدث الشيخ حمود بن محسن الدعجاني عضو الجمعية الفقهية السعودية فقال:
إن الأولاد (بنين وبنات) أمانة عظيمة في أعناق الوالدين فالإحسان إليهم والحرص على تربيتهم أداءً للأمانة والإهمال والتقصير في ذلك غش وخيانة وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم: 6]. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة” متفق عليه.
فالواجب على المسلمين الحذر من تضييع هذه الأمانة العظيمة فهم مسؤولون عنها كما قال صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع ومسؤول عن رعيته” متفق عليه.
والتقصير والإهمال في تربية الأولاد له مظاهر نشاهدها بين الناس ومنها عدم التوسط بين الشدة واللين وحرمان الأولاد من العطف والشفقة والحنان وعدم العدل بين الأولاد في العطية وتأخير تزويج الأبناء والبنات مما يعرضهم للفتن والانحراف وأيضاً مما يلاحظ ويكون من أسباب انحراف الأولاد المكث طويلاً خارج المنزل وفعل المنكرات أمام الأولاد “بنين وبنات” كشرب الدخان ومشاهدة المسلسلات والأفلام الهابطة وتبرج المرأة أمام بناتها، وأيضاً مما يسبب انحراف الأولاد جلب المنكرات للمنزل التي تهدم الدين وتفسد الأخلاق كالقنوات الهابطة والمجلات الخليعة، وأيضاً مما يسبب انحراف الأولاد ترك البنات يذهبن إلى الأسواق بدون محرم والخلوة بالسائقين الأجانب.
القدوة الصالحة
وأضاف: من الوسائل المعينة على تربية الأولاد العناية باختيار الزوجة الصالحة والدعاء للأبناء والبنات بالصلاح والاستقامة والحرص على القدوة الصالحة أمام الأولاد والحرص على تحفيظهم كتاب الله وتعويدهم على أداء الأعمال الصالحة والجد والاجتهاد في كل خير والبعد عن الكسل والبطالة وسيئ الأخلاق.
وللآباء دور عظيم في حماية الأولاد من الأفكار الضالة والمناهج المنحرفة وذلك بمراقبتهم وعدم الغفلة عنهم واختيار الصحبة الصالحة لهم ممن يعرف بسلامة العقيدة والبعد عن الأفكار الضالة والمناهج المنحرفة وحيث كثرت في هذه الأزمنة الفتن وكثر دعاة الضلالة فلا بد للآباء من حماية أولادهم وخصوصاً من التجمعات المشبوهة ومن السفر خارج البلاد وهم صغار السن لأن ذلك يعرضهم لما يفسد دينهم وأخلاقهم ويعرضهم للتأثر بمناهج أهل البدع والضلال.
ضحايا الخلافات الزوجية
وحول أهمية مراعاة تصرفات الأبناء وما قد يعانونه من انعزالية أو انطوائية تحدث د. سعد بن محمد الفياض المشرف التربوي بإدارة التعليم بالرياض فقال: الانعزالية أو الانطوائية هي حالة نفسية يعيشها بعض أبنائنا تظهر من خلال قسمات وجه ذلك الطفل وتأتأة لسانه وتلعثم كلماته ويضادها حالة المشاكسة والعدوانية والتي تبرز ملامحها من خلال مشاكله مع الآخرين وكثرة اعتدائه عليهم.. وهاتان الحالتان النفسيتان وإن كانتا متضادتين إلا أن أسبابهما واحدة ومسبباتهما مشتركة من خلال الطريقة والأسلوب الذي ننتهجه مع أطفالنا سواء كانت مباشراً أو غير مباشر.. فالمباشرة كالقسوة في حقهم والعنف في معاملتهم بالضرب أو التهديد.. أو غير المباشر كأن يكونوا ضحية لمشاكلنا الزوجية وتوتر علاقاتنا وعلى رأسها مشكلة الطلاق بين الزوجين والتي نتائجها لا تنحصر على الأب والأم فقط، بل يتعداهما إلى أبعد من ذلك إلى الأولاد وربما المجتمع كله وذلك إذا لم نتعامل مع قضية الطلاق التعامل الشرعي العادل الذي لا يكون فيه ضرر ولا ضرار وكذلك قضية العقاب بالنسبة لأطفالنا فالإسراف المفرط في العقاب واستخدام أساليب غير تربوية يكون لها الأثر البالغ من حيث تحطيم نفسياتهم وزرع نبتة الكره في قلوبهم مما ينتج عن ذلك سلوك جنائي وربما إجرامي في حق نفسه أولاً وفي الآخرين ثانياً وكل هذا ناتج عن سوء معاملتنا معهم وربما بسبب مشاكلنا التي نحمّل بعضهم جريرتها.
الشعور بالانتماء
لذا فأبناؤنا بحاجة ماسة من أجل تخليصهم من هذه الأمراض النفسية إلى أمن نفسي وأمن عاطفي.. هم في حاجة إلى من يشعرهم بالانتماء لأنفسهم ولأسرتهم ومجتمعهم يشعرون فيه بالحماية من كل ما يهدد أمنه واستقراره، بل حاضره ومستقبله.. هو بحاجة إلى محب يشفق عليه يبادله الحب يشبع عاطفته.. يعامله بالحوار الهادئ والنقاش المحترم الذي يقدِّر فيه ذاته ويحترم شخصيته مهما كانت سنه أو عمره.. إنه بحاجة إلى قبول واعتراف واعتبار من الآخرين.. بحاجة لشعور بالحرية والاستقلال وإعطائه الثقة في نفسه مع البعد عن الشك أو الريب أو التهديد والوعيد والتحقير والتعبير أو السب والشتم وكلمات التنقص والازدراء.. إنه يريد أن يعرف نفسه ويحدد هويته ويعرف ما له وما عليه بالأسلوب الراقي والمعاملة الحسنة {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً} [طه: 44]. {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]. عندها ستنتهي مشاكل أبنائنا وسنسعد بهم وسيسعدون بنا ولن يكون للآخرين الذين يصيدون في الماء العكر عليهم سبيل لا إرهاباً ولا انحرافاً.
الراعي والرعية
ثم تحدث د. نهار بن عبدالرحمن العتيبي عضو الجمعية الفقهية السعودية فقال: لقد أمر الله تعالى الأب بحسن تربية أبنائه من بنين وبنات وذلك من خلال أمرهم بما فيه صالحهم ونهيهم عما فيه ضرر عليهم في دنياهم وآخرتهم، ولذلك جعل الله تعالى الأبناء أمانة في عنق والدهم وكذلك والدتهم وسوف يسألهم عن هذه الأمانة يوم القيامة، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه يوم القيامة أحفظ ذلك أم ضيّعه؟”، وثبت في الصحيحين أنه قال: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته” ولذلك نجد أن الخالق سبحانه وتعالى قد أمر الأب بأمر أهله بالصلاة وبكل واجب من الواجبات والأمر هنا للوجوب، أي يجب على الأب وكذلك الأم أن يأمرا أبناءهما بذلك، ويتضح ذلك من قول الله عزَّ وجلَّ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، وقوله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6] . وبالتالي فالواجب على أولياء الأمور أن يعتنوا بتربية أبنائهم من الصغر بالتوجيه والعناية والأمر بالمعروف وبيان الصحيح من الخطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرَّقوا بينهم في المضاجع” رواه أبو داود بسند حسن.
وقد أحسن من قال:
عود بنيك على الآداب في الصغر
كيما تقر بهم عيناك في الكبر
فإنما مثل الآداب تجمعها
في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
مظاهر التقصير
ثم تحدث الشيخ حمود بن محسن الدعجاني عضو الجمعية الفقهية السعودية فقال: تواترت الأدلة من الكتاب والسنّة على الإحسان إلى الأولاد، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم “كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته” ومن مظاهر التقصير والخطأ في تربية الأبناء ما يلي:
- تربيتهم على الميوعة والفوضى.
- الإهمال في أمرهم بالأوامر الشرعية.
- الشدة والقسوة في غير محلها.
- شراء السيارات لهم وهم صغار.
- حرمانهم من العطف والشفقة.
- تأخير تزويج الأبناء والبنات.
- حفل المنكرات أمام الأبناء.
- ترك البنات يذهبن إلى الأسواق بدون محرم.
- الغفلة عما يشاهده ويقرؤه الأولاد.
- عدم الحرص على تحفيظ الأبناء كتاب الله منذ الصغر.
مسؤولية عظيمة وأمانة جسيمة
وتحدث الشيخ د. علي بن عبدالعزيز الشبل أستاذ العقيدة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بكلية أصول التربية فقال: إن الواجب على الوالدين وأولياء أمور الأبناء عظيم وأمانة جسيمة تحمَّلوها بما أوجب الله عليهم من حق ولهم من البر وعليهم من التبعة، كما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع ومسؤول عن رعيته، والأم راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها”.
وكما أوجب الله على الأب النفقة على أولاده وأهله وجوباً عينياً، كذلك أوجب عليهم الأخذ بحجزهم عن عذاب الله، ووقايتهم من غضبه بأن يعتنوا بهم بما يوقعهم في أسباب ذلك، كما قال سبحانه .{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]. فهذا هو مدار ومناط المسؤولية الملقاة على عواتق الآباء والأمهات.
مراعاة نفسيات الأبناء
وفي هذا المقام يجب على الوالدين بالخصوص مراعاة نفسيات أبنائهم وبناتهم وأحوالهم الاجتماعية وحاجاتهم، فمثلاً باستثمار أوقات اجتماع الأسرة في المنزل وعلى الطعام بإحساسهم بأهميتهم ودورهم، والتعاطي معهم في مشاكلهم والتفاعل معهم بما يحمّلهم المسؤولية بالرجولة للأبناء، وتعميق معاني الأنوثة للبنات. ومن ذلك:
1- تكليف الأبناء الكبار بمسؤولية رعاية البيت وحاجاته، والقوامة على أهله.
2- تعويدهم على الأخلاق الكريمة من الكرم والإيثار ومساعدة الناس، وإبراز معاني الرجولة فيهم ومنهم ولهم.
3- مصاحبتهم للمساجد وأماكن اجتماع الرجال من الأقارب، وإسماعهم الخير وأخبار الأوائل مما فيه معالي الأمور ومحامدها، مما ينعكس على نفسيته وفكره.
الخصوصية والمشورة
وفي جانب الأولاد من البنات:
- تعويد البنت على أعمال البيت بمساعدتها والدتها في الطبخ والترتيب والكي ونحو ذلك، ولا سيما في أوقات الإجازة، وحبذا فقد الخادمة في هذا الجانب ليحصل تمام تحمّل المسؤولية، وهذه مسؤولية الأم بالدرجة الأولى، ومن ورائها الأب.
- المحافظة على البنات من نواح اللباس والزينة والاجتماع بالأقارب صيانة لدينهم وأخلاقهم ومروءاتهم.
- عرض خصوصيات البيت على البنات من جهة المشورة وأخذ الرأي فيما هو من اختصاصهن، مما يعكس عليهن تحمّل المسؤولية، واعتبارهن فاعلات في المنزل رأياً وحكماً وحالاً.
وأهم ما يناول الجميع حفظ الوقت فيما ينفع الجميع من الأسرة والأولاد والبنات، ولا سيما فيما يربي فيهم جانب الإيمان وحسن الخلق وجميل التعامل.
ومما يحسن التنويه به وعليه برامج تحفيظ القرآن واستغلال قدرات الأبناء الذهنية والنفسية وعامل الوقت بتنمية هذه المواهب فيهم وتشجيعهم عليها.
ولا بد من التنويه بدور السفر في هذه الأيام وحبذا توظيفه في عبادة وسفر طاعة من عمرة للبيت الحرام، وزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الأقارب، ولا سيما الوالدين أو أحدهما، مع التأكيد والتشديد على حفظ الأولاد من التسيّب والتسكّع في البلد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في الأسواق والساحات والممرات لئلا يفتن أو يُفتن أو يضللن أو يُضللن، وللأبناء من ذلك نصيبهم وعليهم واجبهم.
معاملة خاصة
ثم تحدث الشيخ ناصر بن غازي الحربي أستاذ العلوم الشرعية في مدرسة محمد بن كعب بالرياض فقال: أوصى الإسلام بتربية الأولاد تربية صالحة، فأول معلم ومربٍّ هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه قال: توفي رسول الله وما طائرٌ يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علم”.
فكان عليه الصلاة والسلام نعم المربي والمعلم، فقد مرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة وعندما رأى الحسن والحسين بدأ يقبل هذا من هاهنا وهذا من هاهنا فكان يعامل الأولاد معاملة خاصة. ولا ننس عمر بن الخطاب كيف يعامل ابنه عبدالله العالم الجليل يحاكيه كأنه صديق له، ويتناصح معه.
فيجب على الأب المسلم أن يراعي أولاده بطاعة الله عزَّ وجلَّ لأن هذه أمانة في عنقه يختار له الجلساء الصالحين، ويصادقه ويعامله معاملة خاصة، خاصة إذا بلغ رشده. أما إذا كان طفلاً فيداعبه ويلاعبه ولا يلق له الضجر والكراهية يحببه فيه. يتابع أموره يسأل عنه في مدرسته ويحسسه أنه موجود معه.
وصايا لقمان لابنه
ولنا قدوة في وصايا لقمان لابنه في سورة لقمان. ومن وصاياه: يا بني عود لسانك اللهم اغفر لي، فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً.
يا بني: اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الأرباح من غير تجارة.
يا بني لا تكثر النوم والأكل، فإن من أكثر منهما جاء يوم القيامة مفلساً من الأعمال الصالحة.
يا بني بئراً شربت منه لا ترمي فيه حجراً.
يا بني: زاحم العلماء بركبتيك، وأنصت لهم بأذنيك فإن القلب يحيا بنور العلماء.
يا بني: إذا كنت في صلاتك فاحفظ قلبك. وإذا كنت في مجلس الناس فاحفظ لسانك. وإذا كنت في بيوت الناس فاحفظ بصرك. وإذا كنت في طعام فاحفظ معدتك. واثنان لا تذكرهما أبداً: إساءة الناس إليك، وإحسانك للناس.
ولا تنس معلم البشرية كيف يوصي أصحابه بمعاملة أبنائهم. “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.
فيجب على الأب أن يوصي الابن بطاعة ربه ومحبة نبيه عليه الصلاة والسلام.
هذا ما أوجب علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا في الدنيا والآخرة، الكلام كثير ولكن أسأل الله العظيم من فضله أن يصلح أبناءنا وبناتنا.
نور الامل- المشرف العام
- عدد المساهمات : 321
العمر : 33
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء مارس 22, 2016 11:40 pm من طرف أبو مصعب بربروس
» لتكن حياتك مرتبطة بذكر الله
الأحد مارس 20, 2016 10:39 am من طرف أ . حسام كيوان
» القيم المستنبطة من سورة الاسراء
الإثنين ديسمبر 08, 2014 6:23 pm من طرف mr.gevara
» ملخص مادة الأحوال الشخصية لجامعة القدس المفتوجة برنامج التنمية
الجمعة أكتوبر 10, 2014 7:36 pm من طرف احمد الزعتر
» رسالة الاساذ زياد خربوطلي
الخميس سبتمبر 25, 2014 12:08 am من طرف اسعد الفرا
» حقيقة الأسير وشروطه
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الحرية في الإسلام
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الحسبة بين النظرية والتطبيق
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الوسطية في الإسلام
الأحد مايو 25, 2014 9:05 pm من طرف طالب