محاسبة النفس
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
محاسبة النفس
وجوب دوام محاسبة النفس في كل وقت وحين:
تعتبر محاسبة النفس من موجبات التربية الروحية؛ لتقويمها لتلتزم بالصراط المستقيم، صراط المؤمنين المتقين، ولقد أشار الله عز وجل إلى ذلك في كتابه الكريم فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فأنساهم أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ"(الحشر:18-19)، كما أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بضرورة الخشية والخوف منه، وتقويم ما قدموه من الأعمال قبل الوقوف بين يديه يوم الحساب الأعظم, فقال سبحانه وتعالى"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" (التوبة: 94)، ولقد ورد هذا المعنى في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) (رواه الإمام أحمد ). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا,وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم, وتهيئوا للعرض الأكبر: يومئذ لا تخفى منكم خافية" ويستنبط من ذلك أن محاسبة النفس من الموجبات الدينية.
المحاسبة يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
يجب أن يوقن المسلم أن له وقفة مع الله يوم القيامة؛ ليحاسبه عن البيعة التي في عنقه عندما دخل الإسلام ونطق بالشهادتين وقال: أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم عاهد الله على الالتزام بفرائض الإسلام وأركان الإيمان، وفي هذا المقام يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عَمِل به" (الترمذي)، ولقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذه التربية الروحية للنفس والمحاسبة أمام الله فكانوا أشد الناس محاسبة لأنفسهم والنموذج المتميز لذلك هو عمر بن الخطاب القوي في الحق الذي قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتهيئوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية).
لماذا محاسبة النفس قبل المحاسبة أمام الله؟
يقول العلماء: من شق عليه حسابه في الدنيا خف عليه حسابه في الآخرة، فعندما يحاسب الإنسان نفسه فوريًّا، ويوميًّا، وأسبوعيًّا، وشهريًّا، وسنويًّا، يعرف مقدار التوفيق في الأعمال الصالحات التي تُرضى الله عز وجل فهذا يحفزه على الإكثار منها ويزداد إيمانًا مع إيمانه، وعندما يعرف كذلك مقدار التقصير في جنب الله، يعاقب نفسه، ويتوب ويستغفر، ويجدد البيعة والعهد مع الله على أن لا يعود إلى الذنوب مرة أخرى، ويُكثر من الأعمال الصالحات تكفيرًا للسيئات، كما أن محاسبة النفس هي عبادة لله، ودعاء إلى الله، وتربية روحية حتى يلقى المسلم ربه بقلب سليم وبنفس راضية ترحب بها الملائكة وتقول لها: "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" (الفجر: 29، 30).
وجوب إعداد كشف المحاسبة عن عام أدبر:
نحن نودع عامًا هجريًّا قد أدبر ونستقبل عامًا هجريًّا قد أقبل، والأيام تمر يومًا بعد يوم، وينادي اليوم ويقول لعباد الله: أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة، والمؤمن كمثل التاجر، يقوم التاجر بإعداد كشف حساب سنوي؛ ليعرف مقدار ربحه وخسارته من تجارته وأسباب ذلك، كذلك المؤمن يجب عند استقبال عام جديد أن يعد كشف حساب عن السنة التي مضت ويسأل الإنسان نفسه: هل كان إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم؟، فيشكر الله سبحانه وتعالى على أن هداه إلى الإسلام وعلى أن أعانه على طاعته وحسن عبادته، ويلوم نفسه عن التقصير، ويعقد العزم على تعويض ما فاته، ويخطط للعام المقبل لزيادة الأعمال الصالحات وتجنب المعاصي، مستشعرًا قول الله تبارك وتعالى: "إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً" (الفرقان: 70)، ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري في هذا المقام: "احكم السفينة فإن البحر عميق، واستكثر الزاد فإن السفر طويل، وخفف ظهرك فإن العقبة كؤود، واخلص العمل فإن الناقد بصير"، ومن الأعمال التي يُساءل المسلم نفسه عنها عند إدبار عام وإقبال عام آخر: الصلاة والصوم والزكاة والحج والنوافل والأخلاق الفاضلة والكسب والإنفاق وبر الوالدين وصلة الأرحام و......... وغير ذلك من الفرائض والواجبات والنوافل التي أمره الله ورسوله بها.
ماذا يحتوى كشف المحاسبة السنوي مع النفس؟
يعد المؤمن كشف حساب عن التجارة مع الله هل ربح أم خسر؟، ومما يجب أن يرد في هذا الكشف من تساؤلات للنفس على سبيل المثال ما يلي:
- هل ازدادت ثروتك الإيمانية وزاد رصيد حسناتك وثقلت كفة أعمالك الصالحة؟
فإن كنت كذلك فأنت من الرابحين.
- هل تحليت بخلق النبي صلى الله عليه وسلم وكان الرسول قدوتك حقًا؟، وهل كان الرسول أُسوتك الحسنة يقينًا؟
فإن كنت كذلك فقد كسبت شفاعته يوم الحساب.
- هل طهرت قلبك وأصلحت نفسك وتبت واستغفرت الله حتى تلقاه سبحانه وتعالى بقلب سليم وبنفس مطمئنة راضية مرضية؟
فإن كنت كذلك فقد أَمِنت من هول يوم القيامة.
- هل سعيت في قضاء مصالح العباد لا تريد منهم جزاءً ولا شكورًا؟
فإن كنت كذلك فقد زرعت في الدنيا وإن شاء الله سوف تحصد في الآخرة.
- هل أنفقت مالك تتزكى؟ هل أعطيت واتقيت الله وتصدقت بالحسنى؟
فإن كنت كذلك فسوف ييسر الله لك أمور الدنيا والآخرة.
- هل يسرت على الناس وساهمت في تفريج قربانهم بالقروض الحسنة؟
فإن كنت كذلك فسوف تجني عوائد وأرباح وفوائد هذا الاستثمار في الآخرة أضعافًا مضاعفة.
- هل جاهدت بنفسك وبمالك وبوقتك وبالكلمة الطيبة؟، وهل حدثت نفسك بالجهاد؟
فإن كنت كذلك فلك ثواب الصادقين المجاهدين الذين قال الله عز وجل فيهم "إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُـوا وَجَاهَـدُوا بِأَمْوَالِهِمْوَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيـلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"(الحجرات:15)
- هل اكتسبت طيبًا وأنفقت قصدًا، وقدمت فضلاً ليوم فقرك وحاجتك؟، وتجنبت الحرام الخبيث والإسراف والتبذير؟
فإن كنت كذلك فأنت من عباد الرحمن الذين يرثون الفردوس الأعلى.
- هل كنت بارًا بوالديك، واصلاً للأرحام ولذي القربى؟
فإن كنت كذلك فسوف يرْضَىِ عنك والديك وقد يكونا سببًا في رحمتك، وسوف يبارك الله لك في رزقك ويمد لك في عمرك.
- هل كنت من الداعين إلى الخير ومن الآمرين بالمعروف ومن الناهين عن المنكر ولم تَبْخَلْ على دعوة الله بشيء؟
فإن كنت كذلك فلك ثواب عظيم، فثواب الدال على الخير كفاعله.
نتيجة كشف حساب الآخرة مع الله
يعتقد المسلم بالمحاسبة الأخروية أمام الله سبحانه وتعالى ولقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي توضح بأنه يوم القيامة سوف يَنْصَبُ الله موازين المحاسبة، ويقدم الله لكل إنسان كشف حساب ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى "وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ" (الأنبياء: 47) وقوله عز وجل في تصوير حال الصالحين وحال الكافرين يوم الحساب الأكبر"يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ، فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ،إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ، خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ، إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ العَظِيمِ، وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ، فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ، وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ، لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخَاطِئُونَ" (الحاقة 18- 37)
ولقد أكد على المحاسبة الأخروية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف السابق ذكره وهو "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به" (رواه الترمذي).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عز وجل: "ما فوق الإزار وظل الحائط وخبر يحاسب به العبد يوم القيامة أو يسال عنه" (ابن ماجة)، وأرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسالة إلى أبي موسى الأشعري ورد بها "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة"، ولقد ورد في الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب قدميه بالدرة إذا جن عليه الليل ويقول لنفسه: ماذا عملت اليوم؟
وقال أحد العلماء الصالحين (الحسن البصري): (المؤمن قَوَّام على نفسه يحاسبها قبل محاسبة الله، وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة).
ماذا يقول المؤمن وماذا يقول الكافر عندما يستلم كشف حساب الآخرة؟
يفرح المؤمن عندما يستلم كتابه بيمنه، ويتحسر الكافر ويندم يوم لا ينفع الندم عندما يستلم كتابه بشماله، ولقد ورد في القرآن الكريم تصوير رائع لحال الكافرين والفاسقين ومن في حكمهم وحال المؤمنين الفالحين يوم الحساب أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، منها ما ورد في نهاية سورة المؤمنين؛ حيث يقول الله مصورًا حال المؤمنين وحال الكافرين:
"حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ، فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، تَلْفَحُ وَجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ، أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ، قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فإن عُدْنَا فإنا ظَالِمُونَ".(المؤمنون: 99- 107)، يجب على كل مسلم أن يتدبر هذه الآيات وأن يعمل من الصالحات حتى يكون من الفالحين ولا يكون من الخاسرين.
ويصور الرسول صلى الله عليه وسلم حال الناس يوم المحاسبة الأخروية أمام الله فيقول: "يكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقوتيه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا، وأشار رسول اللهبيده إلى فيه) (رواه مسلم).
وإن تصور يوم المحاسبة أمام الله والميزان والصراط ودار القرار والجنة والنار، هذا يردع الظالم عن ظلمه ليتوب ويستغفر ويزيد من الأعمال الصالحات حتى يلقى الله بقلب سليم ونفس راضية مطمئنة، فحاسب نفسك يا أخي قبل أن تحاسب وتب قبل أن لا تستطيع أن تتوب، وارجُ لقاء الله بالعمل الصالح والعبادة الخالصة مصداقًا لقوله تبارك وتعالى: "فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" (الكهف: 110)
إن أساس محاسبة النفس هو التربية الروحية والتي تقوم على استشعار مراقبة الله عز وجل.
نسأله عز وجل أن يخفف عنا الحساب وييسر لنا السؤال ويجعلنا من الناجحين.
تعتبر محاسبة النفس من موجبات التربية الروحية؛ لتقويمها لتلتزم بالصراط المستقيم، صراط المؤمنين المتقين، ولقد أشار الله عز وجل إلى ذلك في كتابه الكريم فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فأنساهم أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ"(الحشر:18-19)، كما أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بضرورة الخشية والخوف منه، وتقويم ما قدموه من الأعمال قبل الوقوف بين يديه يوم الحساب الأعظم, فقال سبحانه وتعالى"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" (التوبة: 94)، ولقد ورد هذا المعنى في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) (رواه الإمام أحمد ). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا,وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم, وتهيئوا للعرض الأكبر: يومئذ لا تخفى منكم خافية" ويستنبط من ذلك أن محاسبة النفس من الموجبات الدينية.
المحاسبة يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
يجب أن يوقن المسلم أن له وقفة مع الله يوم القيامة؛ ليحاسبه عن البيعة التي في عنقه عندما دخل الإسلام ونطق بالشهادتين وقال: أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم عاهد الله على الالتزام بفرائض الإسلام وأركان الإيمان، وفي هذا المقام يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عَمِل به" (الترمذي)، ولقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذه التربية الروحية للنفس والمحاسبة أمام الله فكانوا أشد الناس محاسبة لأنفسهم والنموذج المتميز لذلك هو عمر بن الخطاب القوي في الحق الذي قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتهيئوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية).
لماذا محاسبة النفس قبل المحاسبة أمام الله؟
يقول العلماء: من شق عليه حسابه في الدنيا خف عليه حسابه في الآخرة، فعندما يحاسب الإنسان نفسه فوريًّا، ويوميًّا، وأسبوعيًّا، وشهريًّا، وسنويًّا، يعرف مقدار التوفيق في الأعمال الصالحات التي تُرضى الله عز وجل فهذا يحفزه على الإكثار منها ويزداد إيمانًا مع إيمانه، وعندما يعرف كذلك مقدار التقصير في جنب الله، يعاقب نفسه، ويتوب ويستغفر، ويجدد البيعة والعهد مع الله على أن لا يعود إلى الذنوب مرة أخرى، ويُكثر من الأعمال الصالحات تكفيرًا للسيئات، كما أن محاسبة النفس هي عبادة لله، ودعاء إلى الله، وتربية روحية حتى يلقى المسلم ربه بقلب سليم وبنفس راضية ترحب بها الملائكة وتقول لها: "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" (الفجر: 29، 30).
وجوب إعداد كشف المحاسبة عن عام أدبر:
نحن نودع عامًا هجريًّا قد أدبر ونستقبل عامًا هجريًّا قد أقبل، والأيام تمر يومًا بعد يوم، وينادي اليوم ويقول لعباد الله: أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة، والمؤمن كمثل التاجر، يقوم التاجر بإعداد كشف حساب سنوي؛ ليعرف مقدار ربحه وخسارته من تجارته وأسباب ذلك، كذلك المؤمن يجب عند استقبال عام جديد أن يعد كشف حساب عن السنة التي مضت ويسأل الإنسان نفسه: هل كان إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم؟، فيشكر الله سبحانه وتعالى على أن هداه إلى الإسلام وعلى أن أعانه على طاعته وحسن عبادته، ويلوم نفسه عن التقصير، ويعقد العزم على تعويض ما فاته، ويخطط للعام المقبل لزيادة الأعمال الصالحات وتجنب المعاصي، مستشعرًا قول الله تبارك وتعالى: "إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً" (الفرقان: 70)، ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري في هذا المقام: "احكم السفينة فإن البحر عميق، واستكثر الزاد فإن السفر طويل، وخفف ظهرك فإن العقبة كؤود، واخلص العمل فإن الناقد بصير"، ومن الأعمال التي يُساءل المسلم نفسه عنها عند إدبار عام وإقبال عام آخر: الصلاة والصوم والزكاة والحج والنوافل والأخلاق الفاضلة والكسب والإنفاق وبر الوالدين وصلة الأرحام و......... وغير ذلك من الفرائض والواجبات والنوافل التي أمره الله ورسوله بها.
ماذا يحتوى كشف المحاسبة السنوي مع النفس؟
يعد المؤمن كشف حساب عن التجارة مع الله هل ربح أم خسر؟، ومما يجب أن يرد في هذا الكشف من تساؤلات للنفس على سبيل المثال ما يلي:
- هل ازدادت ثروتك الإيمانية وزاد رصيد حسناتك وثقلت كفة أعمالك الصالحة؟
فإن كنت كذلك فأنت من الرابحين.
- هل تحليت بخلق النبي صلى الله عليه وسلم وكان الرسول قدوتك حقًا؟، وهل كان الرسول أُسوتك الحسنة يقينًا؟
فإن كنت كذلك فقد كسبت شفاعته يوم الحساب.
- هل طهرت قلبك وأصلحت نفسك وتبت واستغفرت الله حتى تلقاه سبحانه وتعالى بقلب سليم وبنفس مطمئنة راضية مرضية؟
فإن كنت كذلك فقد أَمِنت من هول يوم القيامة.
- هل سعيت في قضاء مصالح العباد لا تريد منهم جزاءً ولا شكورًا؟
فإن كنت كذلك فقد زرعت في الدنيا وإن شاء الله سوف تحصد في الآخرة.
- هل أنفقت مالك تتزكى؟ هل أعطيت واتقيت الله وتصدقت بالحسنى؟
فإن كنت كذلك فسوف ييسر الله لك أمور الدنيا والآخرة.
- هل يسرت على الناس وساهمت في تفريج قربانهم بالقروض الحسنة؟
فإن كنت كذلك فسوف تجني عوائد وأرباح وفوائد هذا الاستثمار في الآخرة أضعافًا مضاعفة.
- هل جاهدت بنفسك وبمالك وبوقتك وبالكلمة الطيبة؟، وهل حدثت نفسك بالجهاد؟
فإن كنت كذلك فلك ثواب الصادقين المجاهدين الذين قال الله عز وجل فيهم "إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُـوا وَجَاهَـدُوا بِأَمْوَالِهِمْوَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيـلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"(الحجرات:15)
- هل اكتسبت طيبًا وأنفقت قصدًا، وقدمت فضلاً ليوم فقرك وحاجتك؟، وتجنبت الحرام الخبيث والإسراف والتبذير؟
فإن كنت كذلك فأنت من عباد الرحمن الذين يرثون الفردوس الأعلى.
- هل كنت بارًا بوالديك، واصلاً للأرحام ولذي القربى؟
فإن كنت كذلك فسوف يرْضَىِ عنك والديك وقد يكونا سببًا في رحمتك، وسوف يبارك الله لك في رزقك ويمد لك في عمرك.
- هل كنت من الداعين إلى الخير ومن الآمرين بالمعروف ومن الناهين عن المنكر ولم تَبْخَلْ على دعوة الله بشيء؟
فإن كنت كذلك فلك ثواب عظيم، فثواب الدال على الخير كفاعله.
نتيجة كشف حساب الآخرة مع الله
يعتقد المسلم بالمحاسبة الأخروية أمام الله سبحانه وتعالى ولقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي توضح بأنه يوم القيامة سوف يَنْصَبُ الله موازين المحاسبة، ويقدم الله لكل إنسان كشف حساب ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى "وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ" (الأنبياء: 47) وقوله عز وجل في تصوير حال الصالحين وحال الكافرين يوم الحساب الأكبر"يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ، فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ،إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ، خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ، إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ العَظِيمِ، وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ، فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ، وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ، لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخَاطِئُونَ" (الحاقة 18- 37)
ولقد أكد على المحاسبة الأخروية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف السابق ذكره وهو "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به" (رواه الترمذي).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عز وجل: "ما فوق الإزار وظل الحائط وخبر يحاسب به العبد يوم القيامة أو يسال عنه" (ابن ماجة)، وأرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسالة إلى أبي موسى الأشعري ورد بها "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة"، ولقد ورد في الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب قدميه بالدرة إذا جن عليه الليل ويقول لنفسه: ماذا عملت اليوم؟
وقال أحد العلماء الصالحين (الحسن البصري): (المؤمن قَوَّام على نفسه يحاسبها قبل محاسبة الله، وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة).
ماذا يقول المؤمن وماذا يقول الكافر عندما يستلم كشف حساب الآخرة؟
يفرح المؤمن عندما يستلم كتابه بيمنه، ويتحسر الكافر ويندم يوم لا ينفع الندم عندما يستلم كتابه بشماله، ولقد ورد في القرآن الكريم تصوير رائع لحال الكافرين والفاسقين ومن في حكمهم وحال المؤمنين الفالحين يوم الحساب أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، منها ما ورد في نهاية سورة المؤمنين؛ حيث يقول الله مصورًا حال المؤمنين وحال الكافرين:
"حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ، فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، تَلْفَحُ وَجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ، أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ، قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فإن عُدْنَا فإنا ظَالِمُونَ".(المؤمنون: 99- 107)، يجب على كل مسلم أن يتدبر هذه الآيات وأن يعمل من الصالحات حتى يكون من الفالحين ولا يكون من الخاسرين.
ويصور الرسول صلى الله عليه وسلم حال الناس يوم المحاسبة الأخروية أمام الله فيقول: "يكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقوتيه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا، وأشار رسول اللهبيده إلى فيه) (رواه مسلم).
وإن تصور يوم المحاسبة أمام الله والميزان والصراط ودار القرار والجنة والنار، هذا يردع الظالم عن ظلمه ليتوب ويستغفر ويزيد من الأعمال الصالحات حتى يلقى الله بقلب سليم ونفس راضية مطمئنة، فحاسب نفسك يا أخي قبل أن تحاسب وتب قبل أن لا تستطيع أن تتوب، وارجُ لقاء الله بالعمل الصالح والعبادة الخالصة مصداقًا لقوله تبارك وتعالى: "فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" (الكهف: 110)
إن أساس محاسبة النفس هو التربية الروحية والتي تقوم على استشعار مراقبة الله عز وجل.
نسأله عز وجل أن يخفف عنا الحساب وييسر لنا السؤال ويجعلنا من الناجحين.
رد: محاسبة النفس
بارك الله فيك شيخي الفاضل على هذه التذكرة ..
اللهم اجعلنا ممن يسمعون القول ويتبعون أحسنه واجعلنا من المحاسبين انفسهم قبل ان يحاسبوا .امين
اللهم اجعلنا ممن يسمعون القول ويتبعون أحسنه واجعلنا من المحاسبين انفسهم قبل ان يحاسبوا .امين
نور الامل- المشرف العام
- عدد المساهمات : 321
العمر : 33
رد: محاسبة النفس
أخي الكتور طلال بارك الله بكم على هذا الموضوع المهم بالنسبة لكل مسلم , خاصة في هذه الأحداث التي تشهدها أمتنا , والتي ينبغي أن تصاحبها هذه الخصلة المهمة , لا بد من المحاسبة لتنتصر الأمة على طواغيت الأرض , على الشراذمة الممحولين , موضوع رائع وقيّم , جزاكم الله خيراً وكتب الله ذلك في صحيفة أعمالكم .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء مارس 22, 2016 11:40 pm من طرف أبو مصعب بربروس
» لتكن حياتك مرتبطة بذكر الله
الأحد مارس 20, 2016 10:39 am من طرف أ . حسام كيوان
» القيم المستنبطة من سورة الاسراء
الإثنين ديسمبر 08, 2014 6:23 pm من طرف mr.gevara
» ملخص مادة الأحوال الشخصية لجامعة القدس المفتوجة برنامج التنمية
الجمعة أكتوبر 10, 2014 7:36 pm من طرف احمد الزعتر
» رسالة الاساذ زياد خربوطلي
الخميس سبتمبر 25, 2014 12:08 am من طرف اسعد الفرا
» حقيقة الأسير وشروطه
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الحرية في الإسلام
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الحسبة بين النظرية والتطبيق
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الوسطية في الإسلام
الأحد مايو 25, 2014 9:05 pm من طرف طالب