الحب جنة المحبين ونار العادين
صفحة 1 من اصل 1
الحب جنة المحبين ونار العادين
الحب نعمة خلقها الله وأوجدها في قلوب عباده
الحب كلمة سامية المعاني تشعرك بالسعادة والأمان
والحب إذا ماسار في طريقه الصحيح على الفطرة التي فطر الله الناس عليها فسيكون منبع راحة وواحة يستظل بها المحبين من عناء الحياة
والحب قد يرفع أناس لأعلى الدرجات وقد يخسف بهم أدنى الدركات
و هناك من الحب ما أثقل كاهل المحبين وحول نعيم الحب لجحيم
وأصبح الحب لهم قيداً وأغلالا وهلاكاً وعذاباً
ولكن بالرغم من ذلك فهم لايريدون الفكاك منه أو قد لايستطيعون
فأشغلهم ذاك الحب عن ماخلقهم الله له وتمر ساعات يومهم وفكرهم مشغول بذاك الحبيب
فتارة بينهم لحظات حب جارفة وتارة بينهم دقائق عتاب حارقة وتارة بينهما ساعات جفاء قاتلة
وتمر الأيام ومازادهم ذاك الحب إلا عذابا وبعداً وانحدارا في هوة الألم والقلق وضياع العقل والوقت
ومن قديم الزمان إلى يومنا هذا كم ترنم من شعراء بأبيات الحب وحلوه ومراره
وكم قرأنا من قصص للحب والمحبين وعذاب الفراق وألم البعاد
وكم يعيش بيننا من لازال يكتوي من ذاك العذاب
والسبب في هذا هو التعلق بالمحبوب لدرجة الخروج من دائرة الحب إلى دائرة العشق سواء حلالاً كان أو حرام
وحديثي هنا عن الحب بجميع أنواعه سواء حب الزوجين لبعضهم أو حب الأصدقاء لبعضهم أو حب الجنس للجنس الأخر
وما يحول الحب لعذاب هو الحب الذي يتجاوز به المحب بحبه حب الله
فيتعلق بمحبوبه دون أن يهتم برضى خالقه
وترى الزوجة تحب زوجها وتتعلق به وتطلب رضاه حتى لو على حساب رضى خالقها ويتحول حبها لعشق شيطاني
وترى الزوج ينقاد بحبه لزوجته ويهيم بها ويتعدى لإرضاءها حدود الله فتتحول محبته لعشق شيطاني
وترى بعض الأصدقاء يتجاوزوا بحبهم لبعضهم حباً يؤدي بهم مع الأيام للعشق الشيطاني
ومنهم من يعجب بشخصية غيره ويتعلق به لدرجة الهووس حتى يصبح وبال عليه ويندرج في العشق الشيطاني
حتى بعض الذين يحبون بعضهم محبة بدايتها الحب في الله قد ينساقون وراء مشاعرهم ويتعلقون بمن أحبوا وينشغلون بهم حتى عن طاعة ربهم فتتحول محبتهم من محبة في الله لعشق شيطاني
قال تعالى (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ))
لذا فإن أي حب تجاوز به حبه لله سينقلب عليهم وبالاً وعذاباً عقوبة من الرحمن وسينتهي حبهم يوماً ما إما بفراق أو موت بسبب ذاك الحب القاتل والعياذ بالله
وصدق من قال "
للحب سر ما زلت أجهله ..
وكم سواي بسر الحب قد حاروا !
أليس في الليل للعبادِ أسرارٌ ؟
حمر " محاجرهم "
بيض " مدامعهم "
وفي الشفاه تراتيل وأذكار
فلكل قلبٍ إذا ما حب أسرار
وكل حب لغير الله ينهار
ومن أول العلامات التي يعرف بها الإنسان أن حبه للأخر تجاوز الحد هو أن يصبح التعلق بالمحبوب هاجسه وديدنه
وينشغل عقله وتفكيره به ليلاً ونهاراً ويسعى لرضاه ويتأثر بكل حرف وكلمة ينبسها الاخر ويشغل تفكيره في تحليلها ومايقصده
وقد يشغله التفكير به حتى في صلاته فلا يدري كم ركعة صلى وماذا قرأ!!!
ومن كان حبه لله وحب كل مخلوق عنده مقيد بحبه لله فإنه سيجني ثمرات حبه خيراً وسعادة ويعيش سعادة الدارين
ومن صرف حبه لغير الله فلا يلومن إلا نفسه لإنه سيعيش حياته بضياع وتمر الأيام وتنقضي ويتوارى تحت ترابه وهو لم يقدم بعمل صالح ولم يشغل حياته بما خلقه الله لها فيكون بذلك خسر الدنيا والأخرة
فشتان بين حب يريح القلب ويبهج النفس وحباً يجلب لك الحسرة والبكاء والعذاب
لذا ندائي لكل من أحب في الله ولله أبشر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه».
وقال «أن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي».
وذكر عليه الصلاة والسلام : أن رجلا زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مدرجته أي طريقه ملكاً
فلما أتى عليه قال: أين تريد؟
قال أريد أخاً لي في هذه القرية.
قال هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ أي تقوم بها وتسعى في صلاحها.
قال: لا غير أني أحببته في الله تعالى.
قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه.
فاحرص على محبتك الطاهرة ولاتجعل للشيطان عليك سبيلا
وإن شعرت بأنك بدأت تميل عن الحق فأردع نفسك وجاهدها وأربى بنفسك أن تضل وتضل غيرك
حتى لو أضطررت للبعد عن من تحب وردعه من أجل خيرك وخيره ومن أجل صدق محبتك لصديقك بأنك تخاف عليه من عذاب الله.
وحتى لو غضب منك صديقك ومن بعدك عنه ثق أن الأيام ستثبت له أن مافعلته هو من أجل محبتك له وحرصك على خيره في الدنيا والأخرة
وإليك يامن أهلكت نفسك باللهاث خلف سعادة زائفة وعذاب وهلاك لنفسك
تذكر أنك ماخلقت في الدنيا إلا للتزود للأخرة وكلها أيام وسينقضي أجلك وستدخل قبرك وحيدا فريداً
لامال... ولا صديق ...ولاحبيب...ولا أهل...لن تجد إلا عملك الصالح الذي ستنتقل بها ليوم الحساب
عندها لن ينفعك حب لم يكن خالصاً لله
ولاتجعل من حبيبك عدواً لك يوم القيامة بل اجعله نافعاً لك في الدارين
قال تعالى (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)
ومن الحلول بإذن الله للتغلب على ذلك:
-اللجوء لله بالدعاء وتحري أوقات الإجابة بأنك يجعلك نافعاً لنفسك ولغيرك وأن لايفتنك ولايفتن بك أحد
-التحصين بالأذكار اليومية وتكرار دعاء (اللهم إني أستودعتك قلبي فلا تجعل فيه أحد سواك)
- الإكثار من الإستغفار فهو من يجعل القلب قوياً في طاعة الله ويعينه على الحق قال تعالى( وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم)
- جاهد نفسك واسعى لتطهيرها وابعدها عن كل مايجعلها تتعلق بغير الله
وأقطع كل حبال العشق عنها واجعلها مسيرة طائعة لك ولا تكن أنت طائع وخانع لها
والله سبحانه مدح من يطهر نفسه ويسعى لإصلاحها وقال ( قد أفلح من زكاها)
-واعلم أن راحة القلب وحلاوة الإيمان بأن تحب في الله ولله فقط
فهذا هو الحب الذي يريحك ويسعدك وتعيش لحظاته بفرح داخلي حقيقي
قال صلى الله عليه وسلم : "ثلاث من كنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان:
أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه ممَّا سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار".
وأخيراً أعلموا أن الحب لغير الله يورث ضيق النفس وسواد الوجه
وأن الحب في الله والسعي لكل مايرضي الله يجلب الخير وينير الوجه والقلب
وقد قيل "إنَّ للحسنة نوراً في القلب، وضياءً في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق
وإنَّ للسيئة لظلمة في القلب، وسواداً في الوجه، ووهناً في البدن، وضيقاً في الرزق، وبغضاً في قلوب الخلق".
وقيل:
محبة الله " هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون .. وإليها شخص العاملون ..و إلى عَلَمها شمر السابقون .. وعليها تفانى المحبون .. وبِرَوحِ نسيمها تروَّح العابدون ..
فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح .. وقرة العيون .. وهي الحياة التي من حُرِمها فهو من جملة الأموات .. والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات ..
وهي الشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه الأسقام .. واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام ..
وهي روح الإيمان والأعمال .. والمقامات والأحوال .. التي متى خَلَت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه "
فاللهـــــم ارزقنا حبك وحب من أحبك وحب كل عملاً يؤدي لمحبتك
اللهم أجعل حبك أحب إلينا من أهلنا ومالنا وولدنا ومن الماء البارد على الظماء
اللهم اجعلنا من أحبابك واهلك وأوليائك الصالحون الذين لاخوفاً عليهم ولاهم يحزنون
اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين
م
نور الامل- المشرف العام
- عدد المساهمات : 321
العمر : 33
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء مارس 22, 2016 11:40 pm من طرف أبو مصعب بربروس
» لتكن حياتك مرتبطة بذكر الله
الأحد مارس 20, 2016 10:39 am من طرف أ . حسام كيوان
» القيم المستنبطة من سورة الاسراء
الإثنين ديسمبر 08, 2014 6:23 pm من طرف mr.gevara
» ملخص مادة الأحوال الشخصية لجامعة القدس المفتوجة برنامج التنمية
الجمعة أكتوبر 10, 2014 7:36 pm من طرف احمد الزعتر
» رسالة الاساذ زياد خربوطلي
الخميس سبتمبر 25, 2014 12:08 am من طرف اسعد الفرا
» حقيقة الأسير وشروطه
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الحرية في الإسلام
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الحسبة بين النظرية والتطبيق
الأحد مايو 25, 2014 9:07 pm من طرف طالب
» الوسطية في الإسلام
الأحد مايو 25, 2014 9:05 pm من طرف طالب