منتدى الفقه الإسلامي وأصوله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  Empty أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه

مُساهمة من طرف ابو يحي الجزري الإثنين يناير 24, 2011 6:39 pm

أعلام فلسطين
الإمام الشافعي رضي الله عنه
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا للعالمين محمد صلي الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين اما بعد ،،
إن من ابرز العلماء والأئمة الذين أخذ عنهم العلم وصاحب مذهب من المذاهب الأربعة ابن فلسطين الإمام الشافعي رحمه الله رحمة واسعة وأنار له قبره الي يوم القيامة مثل ما أنار لنا الطريق في شتي الأمور الفقه والحديث واللغة والشعر وغيره من العلوم والكتب التي كتبها وتركها لنا لتكون نورا لنا نقتدي به ومرجعا لنا فلا بد لنا مع وقفة عن هذا الإمام .
اسمه ونسبه وتاريخ ميلاده: هو محمد بن إدريس الشافعي، ولد بالاتفاق عام 150 هجرية 767 ميلادية أي في العام الذي توفي فيه الامام أبو حنيفة وقد غالى البعض فقال في اليوم نفسه الذي مات فيه الامام أبو حنيفة. والصحيح الذي ذهب إليه الجمهور أنه ولد في غزة بفلسطين، والده قرشي ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف جده صلى الله عليه وسلم. أما أمه فمن قبيلة أخرى، من قبيلة الأسد وهي قبيلة عربية أصيلة و لكنها ليست قرشية. ولد الامام الشافعي في أسرة فقيرة جداً، وبعد ولادته بعامين توفي أبوه فقررت أمه العودة بابنها محمد إلى مكة لأنه قرشي حتى لا يضيع نسبه ولأن له سهم من ذوي القربى.
ولكن هذا المال الذي كانت تأخذه من سهم ذوي القربى كان قليلاً وقليلاً جداً، فعانت هي ووليدها محمد حرماناً وفقراً ولكن الأم كانت قوية الشخصية راسخة الإيمان، على جانب من العلم والحفظ، فأرادت لولدها أن يتعلم و يحفظ فدفعت به إلى مكان في مكة يقرىء الصبيان. ولكن الأم لم تجد أجر المعلم، فكان الشيخ المقرىء يهمل ويقصِّر في تعليم الصبي المتعطِّش إلى العلم والمعرفة ولكن كان المعلم إذا علَّم صبياً شيئاً، تلقَّف الشافعي ذلك الكلام ثم إذا قام المعلم من مكانه ليقضي شأنه أخذ محمد مكانه وراح يعلم الصبيان تلك الأشياء.
و رآه المعلم يفعل ذلك، فارتاحت نفسه و نظر إلى أنَّ الشافعي يكفيه من أمر الصبيان أكثر من الأجرة التي يطمع بها منه فترك طلب الأجرة واستمرت هذه الحال مع الشافعي حتى حفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره ومنهم من قال و هو ابن سبع سنين.
عرف الامام الشافعي بشجو صوته في القراءة. قال بن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض: قوموا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن، فإذا أتيناه ( يصلي في الحرم ) استفتح القرآن حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حُسن صوته فإذا رأى ذلك أمسك من القراءة.
تحصيله وطلبه للعلم: كانت أمه قد وجَّهته لإتقان القراءة والتلاوة والتفسير على شيوخ المسجد الحرام ولم يكد يبلغ الثالثة عشرة من عمره حتى أتقن ذلك إتقاناً جيداً ملفتاً للنظر. ثم اتجه الامام الشافعي إلى علم الحديث فلزم حلقة سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد الزنجي في المسجد الحرام. وكان الورق غالي الثمن باهظ التكاليف والامام الشافعي وأمه في قلة وفقر فكيف يفعل في التدوين؟ يُروى أنه كان يلتقط العظام العريضة فيكتب عليها أو يذهب إلى الديوان فيجمع الأوراق المهملة التي يلقى بها فيستوهبها ويكتب على ظهرها. هذه المعاناة وفقته إلى أن يعتمد على الحفظ فتكوَّنت لديه حافظة قوية ساعدته مستقبلاً على حفظ كل ما يسمع وما يُلقى إليه من علم ومعرفة.
وبذكائه وملاحظته أدرك الامام الشافعي أنَّ لغة قريش قد دخلتها ألفاظ غريبة ولم يعد لسانها هو اللسان العربي السليم في فصاحته وبيانه، وعلِمَ أنه لا يستطيع أن يجيد علوم القرآن والحديث واستخراج الأحكام من النصوص إلا إذا أتقن اللغة العربية الصحيحة. وكان يحضر في المسجد الحرام دروس إمام مصر الليث بن سعد حين يأتي حاجاً أو معتمراً وكان يوصي مستمعيه أن يتقنوا اللغة وأسرارها وأن يتعلموا خاصة كلام هُذَيل وهم قبيلة في البادية وأن يحفظوا أشعارهم لأن هذيل أفصح العرب. انطلق الشافعي إلى مضارب هذه القبيلة فأقام في ظهرانيهم و لازمهم عشرة أعوام عكف خلالها على دراسة اللغة وآدابها وحفظ الشعر (حفظ أكثر من عشرة آلاف بيت) كما تعلَّم الرماية والفروسية وبرع فيهما. وروى الامام الشافعي عن نفسه فقال: كانت همَّتي في شيئين، في الرمي والعلم فصرتُ في الرمي بحيث أصيب عشرة من عشرة ". وسكتَ عن موضوع العلم تواضعاً عِلماً أنه في العلم أكثر من ذلك.
عاد إلى مكة وهو يحمل ثروة هائلة من شعر وأدب العرب حتى قال الأصمعي - راوية العرب المشهور - " صحَّحتُ أشعار الهُذَليين على فتى من قريش يُقال له محمد ابن إدريس ". وأصبح الشافعي حجة عصره في اللغة. وعاد إلى مكة ليتعلَّم عند علمائها من أتباع عبد الله بن عباس وجعفر الصادق.
وكان الإمام سفيان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير أو الفتيا التفت إلى الشافعي فقال: سلوا هذا الغلام.
وكان الامام الشافعي يوماً يحضر مجلس ابن عيينة فحدَّث ابن عيينة بحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معتكفاً، فأتته صفية، فلما ذهبت ترجع مشى النبي صلى الله عليه وسلم معها فأبصره رجل من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنها صفية، إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ". فقال ابن عيينة: ما فقه هذا الحديث يا أبا عبد الله ؟ فقال الشافعي: لو كان القوم اتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم لكانوا بتهمتهم إيّاه كفاراً و لكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أدَّب مَن بعده فقال إذا كنتم هكذا فافعلوا هكذا حتى لا يُظَنَّ بكم، لا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم - وهو أمين الله في وحيه - يُتَّهم. فقال ابن عيينة: جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله ما يجيئنا منك إلا ما نحبه. ولا عجب في ذلك فقد كان يعمل و يهتدي وفق توجيهات أمّه البارّة التي كانت عالمة، حافظة وفقيهة. فقد استُدعِيَت مرة للشهادة أمام قاضي مكة و معها امرأة أخرى وأراد القاضي أن يفرِّق بينها وبين المرأة الأخرى في الشهادة ليسمع كلاّ منهما على حدة، فاعترضت وطلبت إلى القاضي أن تكون شهادتها وشهادة المرأة الأخرى بحضور كليهما واستدلَّت على ذلك بقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282].

وأجازه شيخ الحرم الإمام مسلم بن خالد الزنجي وكان أول من أجازه فقال له وهو غلام: أنت يا أبا عبد الله والله لقد آن لك أن تفتي. ولكن الشافعي مع هذا رفض أن يفتي وكيف يفعل ذلك وهو يعتبر أنَّ سلّم العلم ما زال طويلاً، وكيف يفعل ذلك والإمام مالك في المدينة وقد سمع من حديثه عندما جاء حاجّاً إلى بيت الله الحرام ؟!!!.
وأدرك الامام الشافعي ما عند الامام مالك من علم واسع وأحب لقاءه ولكنه تهيَّبَ أن يرحل إليه قبل أن يأخذ من علومه شيئاً، فأقبل على الموطأ فحفظه غيباً ولم يكن يملك ثمنه فاستعاره وحفظه. وخشيَ أن لا يستقبله الإمام مالك لحداثة سنِّه فلقد اشتُهِرَ عن الامام مالك أنه رغم سماحته و طيب خُلُقه كان صارماً في العمل ولا يبيح وقته للناس ولا يستقبل من يطرق بابه خلال راحته في داره. ولكن الشافعي الشاب المتوقد المتوهج المتعطش إلى غَرف العلم لا يشبع نهمه الجلوس في حلقات درس مالك في المسجد ولكنه يريد أن يتفرَّد بلقائه. فتوسطت له أمّه عند والي مكة، فأرسل معه رسالة إلى والي المدينة. فلما وصلت الرسالة إلى والي المدينة وقرأها قال: يا فتى إنَّ مشيي من جوف مكة إلى جوف المدينة حافياً راحلاً أهوَن عليّ من المشي إلى باب مالك، فلستُ أرى الذل حتى أقف على بابه !.
فقال الامام الشافعي: أصلح الله الأمير، إن رأى الأمير يوجه إليه ليحضر. فقال الأمير: هيهات، ليت أني لو ركبت ُ أنا ومن معي وأصابنا من تراب العتيق (حي يسكنه مالك) نلنا بعض حاجتنا وواعده على الذهاب إلى مالك في وقت العصر ويروي الامام الشافعي فيقول: وركبنا جميعاً، فوالله لكان كما قال، لقد أصابنا من تراب العتيق فتقدم رجل منا فقرع الباب فخرجت إلينا جارية سوداء فقال لها الأمير: قولي لمولاكِ أني بالباب فدخلت ثم خرجت فقالت: إنَّ مولاي يقرئكَ السلام و يقول إن كان لديك مسألة فارفقها في رقعة يخرج إليك الجواب وإن كان للحديث فقد عرفتَ يوم المجلس فانصرِف فقال لها الأمير: قولي له إنَّ معي كتاب والي مكة إليه في حاجة.
فدخلت وخرجت وإذا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار وهو شيخ طويل مسنون اللحية، فرفع الوالي الكتاب إلى الإمام مالك فطفق يقرأه فلما بلغ إلى هذا: " إنَّ هذا رجل يهمني أمره وحاله فتحدثه ...وتفعل ... وتصنع ... ". فرمى مالك الكتاب من يده ثم قال: سبحان الله أوَ صار علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخّذ بالرسائل قال الشافعي: فرأيتُ الوالي قد تهيَّب أن يكلِّمه فتقدمتُ وقلت: " أصلحك الله ... إني رجل مطلبيّ من بني المطَّلِب وحدَّثتُه عن حالتي و قضيتي فلما سمع كلامي نظر إليَ و كان لمالك فراسة فقال: ما اسمك ؟ قلت: محمد، فقال: " يا محمد إنه سيكون لك شأن وأي شأن، إنَّ الله تعالى قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بالمعصية. إذا جاء الغد تجيء مصطحباً معك ما تقرأ به ".
وطلب منه أن يأتي بمن يقرأ له الموطأ لصغر سنه ولكن الامام الشافعي جاءه في اليوم الثاني ومعه الموطأ وبدأ يقرأ عن ظهر غيب والكتاب في يده. وكلما قرأ قليلاً تهيَّب مالكاً وأراد أن يقطع ولكن أعجب مالك حُسن قراءته وإعرابه فقال: زد يا فتى، حتى قرأ عليه الموطأ في أيام يسيرة. قال الامام مالك عنه: ما يأتيني قرشي أفهم من هذا الغلام، وقال: إن يك يفلح فهذا الغلام.
ولازم الامام الشافعي الامام مالك تسعة أعوام ولم ينقطع عنه إلا لزيارة أمّه أو لرحلة علمية و كان قد ذهب في بعض الرحلات إلى العراق وحصل ثروة من علم الامام أبي حنيفة. وتلقى الامام الشافعي علومه من الامام مالك ومن باقي علماء المدينة.

وكانت المدينة أجلّ بلد حافظ على الطابع الإسلامي الأصيل، و أكثر الصحابة كانوا فيها، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من حنين ترك فيها نحو اثني عشر ألف صحابي، لبث فيها نحو عشرة آلاف، ثم ماتوا فيها و تفرَّق في سائر الأقطار نحو ألفين. وما كان يوثَق بعلم العالم في جميع أقطار الخلافة الإسلامية إلا أن يؤم المدينة، يختلف إلى علمائها و يروي عن حفاظها.
وفي إحدى رحلات الامام الشافعي العلمية غاب عن المدينة زهاء عامين وكان دائم السؤال عن شيخه مالك، ويوم عاد دخل الحرم النبوي و تهيَّأ للجلوس في حلقة مالك وما هي إلا لحظات حتى وصل مالك وفاح ريح الطيب في أرجاء المسجد وجلس مالك على كرسي أُعِدَّ له وأخذ يلقي المسائل على التلاميذ المتحلقين حوله ومن بينهم وفي زحمتهم الشافعي الذي لا يكاد يراه مالك. سكت الحاضرون ولم يجيبوا على مسائل مالك فتضايق الامام الشافعي ثم أوحى بالجواب إلى الذي بجواره وكذلك بجواب آخر وآخر، مالك يلقي المسألة وجار الامام الشافعي يجيب، ثم سأله الامام مالك متعجباً: من أين لك هذا العلم ؟ فقال إنَّ بجانبي شاباً يقول لي الجواب وإذا هو الشافعي فتلقاه مالك بالترحاب والحفاوة والسرور وقال له: أتمم أنت هذا الباب وهذه إجازة من مالك للشافعي بالفتوي . فلما كان عام 179 توفي الامام مالك و بكاه الامام الشافعي بكاءً حاراً. وكان الامام الشافعي يعاني من الفقر ولا يبالي في سبيل إقباله على العلم و الدراسة فلما توفي الامام مالك شعر بفراغ فالتفت يبحث عن عمل وكان قد وصل إلى قمة الشباب، فبحث له بعض القرشيّن عن عمل في اليمن بواسطة والي اليمن، فأُعطِيَ عملاً جيداً في نجران دون مستوى المحافظ بشيء قليل.
منهج الامام الشافعي العلمي: أخذ الامام الشافعي بالمصالح المرسلة والاستصلاح و لكن لم يسمها بهذا الاسم وأدخلها ضمن القياس وشرحه شرحاً موسعاً. وكذلك كان الامام الشافعي يأخذ بالعرف مثل مالك ولكن كل لدرجة ما.
يروى إنه في أحد الأيام ، في مجلس الامام مالك ، كان فيه الامام الشافعي، جاء رجل يستفتي مالكاً، يقول أنه ابتاع طائراً من رجل أقسم البائع بالله تعالى وفي رواية بالطلاق أنَّ طائره هذا لا يفتأ عن التغريد. فلما أخذه الشاري وجده يغرد حيناً و يسكت حيناً، فسأل مالكاً فقال له: لك حق خيار العيب (أي أنه لك الحق في رده بسبب عيب فيه) وقد حنث في يمينه أو على الرواية الأخرى وقع الطلاق. وكان الشافعي جالساً في ذلك المجلس ولكنه لم يتكلم أدباً مع شيخه مالك. فلما ذهب الرجل لحق به وسأله: طائرك يغرد في اليوم أكثر أو يسكت أكثر؟ قال الرجل: بل التغريد أكثر، فقال له الشافعي: إذاً البيع صحيح و ليس لك خيار العيب ولم يحنث وفي تلك الرواية لم يقع الطلاق. فجاء الرجل إلى مالك ، فلما ناقشه الشافعي قال له: يا سيدي، الألفاظ التي ننطق بها إنما نضعها في ميزان العرف الشرعي إن وُجِد (مثل الطلاق و العتق ... )، لكن إن فُقِدَ العرف الشرعي عندئذ نشرحه بالعرف اللغوي الدارج بين الناس فإن فُقِدَ العرف اللغوي الدارج بين الناس نعود إلى اللغة العربية في جذورها وأمهاتها. ونحن نعود في هذا إلى كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد روينا عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنَّ امرأة جاءت تستشيره في رجلين قد خطباها فأيهما تتزوج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أما فلان فلا يضع العصا عن عاتقه و أما فلان فصعلوك (أي لا يليق بك من حيث المستوى الإجتماعي وغيره).


قال الامام الشافعي: فقوله صلى الله عليه وسلم لا يضع العصا عن عاتقه كناية عن كثرة السفر وقد علمت أنه يصلي فيضع العصا عن عاتقه و يأكل ويضعها عن عاتقه وينام ويغتسل وفي كل ذلك يضع العصا عن عاتقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم صادق فيما يقول، إذاً هذه الكلمة سارت مسار العرف الدارج وهنا (أي في مسألة الطائر) عرف في السوق لو قال البائع هذا الطائر لا يفتأ عن التغريد يعني أنَّ أكثر أوقاته التغريد.
من عباداته ونوافله:
كان يُقسم ليله إلى ثلاثة أجزاء: ثلث ينام و ثلث يكتب وثلث يصلي.
وكان يختم القرآن في كل شهر ثلاثين مرة وفي رمضان ستين ختمة.
ومن نوافل الامام الشافعي كثرة صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحض على ذلك أصحابه وتلاميذه ومن يحضره وكان أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام لا يدخل على مكة حتى يتصدَّق بما معه.
تأليفه لكتابه " الرسالة " وأهميته: أصبح من عادة الامام الشافعي أن يجلس في الحرم عند بئر زمزم حيث كان يجلس الصحابي الجليل شيخ المفسرين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
باختصار كتاب " الرسالة " هو عبارة عن مفاتيح لكيفية فهم الأحكام من النصوص.
وقد كان المجتمع آنذاك يفتقر إلى هذا العلم ولم يكتب فيه أحد قبلاً ، صحيح أنَّ الإمام أبو حنيفة والإمام مالك كل منهما بنى فقهه على أصول ومبادىء و لكن هذه المبادىء لم تسجَّل ولم يُصرَّح بها كلها بل إنَّ تلامذتهما هم الذين استنبطوا الأصول من فروع المسائل والذي أعان الامام الشافعي على هذا العلم علم استنباط الأحكام من النصوص فضلاً عن كونه عالماً بالفقه والحديث وبلوغه درجة قصوى من الذكاء، هو أنه عاش في البادية عشر سنوات حيث أخذ الطبيعة العربية والسليقة العربية من ينبوعها، فكان يعلم كيف يفهم الرجل العربي الجملة وكيف يأخذ المعنى إثر المعنى من الجملة الواحدة، ومما جعل من الشافعي حجةً في اللغة.
تدريسه و تأليفه لكتابه " الأم " : كان الامام الشافعي جامعة علم في شتى الفنون، فكان يجلس في جامع تاج الجوامع في مصر بعد صلاة الفجر ويبدأ بالقرآن وعلومه فيأتيه علماء التفسير وعلوم القرآن الفطاحل ليتعلموا منه، فإذا انتهى تحوَّل إلى الحديث فيأتيه علماء الحديث ليتعلموا منه وإذا فرغ انتقل إلى علوم اللغة وآدابها فيأتيه علماؤها يدرسون عنه و هكذا .
وفي مصر أعاد الامام الشافعي النظر في كتابه " الرسالة " فجدد تأليفها - و" الرسالة " التي بين أيدي الناس اليوم هي "الرسالة" المؤلفة في مصر - كما أعاد النظر في كتابه " الحجة " فألَّف بدله كتاب " الأم " وهو مجموع لكتب كثيرة جديدة ألَّفها الشافعي في مصر وهذا الكتاب هو المعروف والمشهور في أيامنا.
وكان الامام الشافعي يتمسك بالأحاديث الصحيحة ويعرِض عن الأخبار الواهية والموضوعة واعتنى بذلك عناية فائقة وقال الشافعي ذاكراً فضل الله تعالى عليه: ما كذبت قط وما حلفت قط بالله تعالى صادقاً ولا كاذباً.
قال أبو زُرعة: ما عند الشافعي حديث فيه غلط.
وقد وضع الامام الشافعي في فن مصطلح الحديث مصطلحات كثيرة، لم يُسبَق إليها مثل: الاتصال والشاذ والثقة والفرق بين حدَّثنا وأخبرنا ...


مرضه ووفاته: كان الامام الشافعي من الأئمة العاملين فرابط فترة في مصر في الثغور وهي المواضع التي يُخشى هجوم العدو منها على بلد مسلم. وفي آخر حياته ظهرت عليه علة البواسير و كان يظن أنَّ هذه العلة إنما نشأت بسبب استعماله اللُّبان - وكان يستعمله للحفظ - وبسبب هذه العلة ما انقطع عنه النزيف وربما ركب فسال الدم من عقبيه وكان لا يبرح الطست تحته وفيه لبدة محشوة، وما لقي أحد من السقم ما لقي.
والعجيب في الأمر بل يكاد يكون معجزاً أن تكون هذه حال الامام الشافعي و يترك في مدة أربعة سنوات كلها سقم من اجتهاده الجديد ما يملأ آلاف الورق مع مواصلة الدروس والأبحاث والمناظرات والمطالعات في الليل والنهار، وكأنَّ هذا الدأب والنشاط في العلم هو دواؤه الوحيد الشافي !. وألحَّ على الشافعي المرض وأذابه السقم ووقف الموت ببابه ينتظر انتهاء الأجل.
وفي هذه الحال، عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، دخل عليه تلميذه المزني فقال: كيف أصبحت؟ قال: أصبحتُ من الدنيا راحلاً وللإخوان مفارقاً و لكأس المنيَّة شارباً وعلى الله جلَّ ذكره وارداً ولا والله ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنِّئها أو إلى النار فأعزِّيها ! ثم بكى وأنشأ يقول:
ولما قسى قلبي و ضاقت مذاهـبــي جعلتُ الرَّجــا مني لعفوك سلَّـمـا
تعاظـني ذنـبـي فـلمـا قـرنـتـه بعفوك ربي كــان عفوك أعظمــا
وما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تــزل تجود وتعـفـو مِـنَّـةً وتكرُّمـــا
ودفن الإمام الشافعي رحمة الله تعالى عليه في القاهرة في أول شعبان، يوم الجمعة سنة 204 هجري. الموافق شهر يناير سنة 820 ميلادي وكان له ولدان ذكران وبنت وكان قد تزوج من امرأة واحدة.
من وصاياه و أقواله:
- ما تُقُرِّب إلى الله عز وجل بعد أداء الفرائض بأفضل من طلب العلم.
- طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.
- من ضُحِكَ منه في مسألة لم ينسها أبداً.
- من حضر مجلس العلم بلا محبرة و ورق كان كمن حضر الطاحون بغير قمح.
- ما ناظرتُ أحداً قط إلا أحببتُ أن يوفَّق أو يسدد أو يُعان ويكون له رعاية من الله تعالى و حفظ، وما ناظرتُ أحداً إلا و لم أُبالِ بيَّنَ الله تعالى الحق على لساني أو لسانه.
رحم الله الإمام رحمة واسعة وادخله فسيح جناته مع النبي الصادق الأمين والأنبياء والصالحين
جمع وإعداد
أ‌. صلاح الدين أبو جزر
رفح / فلسطين
ابو يحي الجزري
ابو يحي الجزري

أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  Fss

عدد المساهمات : 17
ذكر العمر : 63
أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  112

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  Empty رد: أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه

مُساهمة من طرف د طلال النجار الثلاثاء يناير 25, 2011 5:15 am

الأخ / أبويحي الجزري حفظك الله ،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
ما أجمل الحديث عن أحد أئمة الفقة الاسلامي وهو الفقيه محمد بن ادريس الشافغي ، حيث تناولت في معرض حديثك عنه كيف كان يتعامل مع العلم ، والذي يعتبر هو الحياة للعلماء ، والكتاب ، والمفكرين ؛ لأن تقوم بهم النهضة ، وتتفجر الثورة ، ويهتدي الناس من الظلمات إلي النور ، فإنه كلام جميل يحمل في طياته الشيء الكثير .
لذا فإنني من خلال هذا الصرح العلمي أتقدم لسيادتك بهذا الدعاء : "أسأل الله لك ياأخي أن يجعل ما كتبت ، وما ستكتب في ميزان حسناتك يوم القيامة ، وأن يرزقك الله البنين والبنات ، وأن يكثر من أمثالك ؛ لأنك تذكرنا بالله ، وتبين لنا الطريق السوي لنسير علي نهجه ؛ لقوله تعالي : ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون ) ؛ فنسأل الله أن نكون نحن جميع أعضاء هذا المنتدي من عباد الله المتقين ،،،،،،،،،،،،،،،،،،آمين
د طلال النجار
د طلال النجار
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 268
ذكر العمر : 72
أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  112

http://www.4shared.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  Empty رد: أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه

مُساهمة من طرف ابو يحي الجزري الثلاثاء يناير 25, 2011 5:41 am

اشكرك جزيل الشكر اخي د طلال وان هذا واجب علينا ان نقدم كل ما نعرفه من علم وما علمناه وما تعلمناه ليكون لنا نورا يوم القيامة نهتدي به الي الجنة وعالمنا والفقيه ابن فلسطين الامام الشيخ حمد بن ادريس الشافغي ،جاهد واجتهد حتي تعلم وكان يتعامل مع العلم ، والذي يعتبر هو الحياة للعلماء ، والكتاب ، والمفكرين ؛ الذين تقوم بهم النهضة ، ويهتدي الناس بهم ليخرجوهم من الظلمات إلي النور اللهم اجعلنا من عبادك المتقين
ابو يحي الجزري
ابو يحي الجزري

أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  Fss

عدد المساهمات : 17
ذكر العمر : 63
أعلام فلسطين / الامام الشافعي رضي الله عنه  112

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى