منتدى الفقه الإسلامي وأصوله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2)

4 مشترك

اذهب الى الأسفل

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Empty المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2)

مُساهمة من طرف د طلال النجار السبت مارس 19, 2011 4:20 am

المحاضرة الأولي
دلالة الألفاظ :
المقصود بها : " المعاني التي تدل عليها هذه الألفاظ "، وهذه المعاني موجودة في النصوص
القرآنية والأحاديث النبوية؛ وهي أحكام شرعية خوطب بها العباد .
مثالSad لفظ الأسد) ، فيدل على الحيوان المفترس ، وهذا المعنى الحقيقي .
ولفظ ( الأسد) ، يدل على الإنسان الشجاع ،وهذا المعنى المجازي .
ولفظ ( الزكاة) ، يدل على النمو والطهارة ،وهذا معنى حقيقي .
إذن جميع الألفاظ لها معان حقيقية ، أو مجازية .


مناهج العلماء في دلالات الألفاظ

تنقسم دلالات الألفاظ إلى منهجين ، كما يلي :
أولاً . الدلالات عند الأحناف :
1. دلالة العبارة :
أ. تعريف دلالة العبارة في اللغة :
دلالة العبارة لغة: تطلق على التفسير ، والدخول .
يُقال : عبرتُ الطريق إذا دخلته , ويُقال : عبرت عن فلان : إذا تكلمت عنه .

ب. دلالة العبارة في الاصطلاح عند الحنفية : "هو المعنى الذي يتبادر فهمه عند سماع الكلام المكون فيه النص , دون عناء أو بحث " .
الأمثلة:
أولاَ. من القرآن الكريم :
1. قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ...) (المائدة: من الآية3) .
دلالة العبارة هنا : حرمة أكل الميتة، والدم ، ولحم الخنزير .
2. قال تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا ...َ) (البقرة:190) .
دلالة العبارة هنا : وجوب قتال المعتدي .
3. وقال تعالىSadيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ..) .(المائدة:51) .
دلالة العبارة هنا : حرمة موالاة اليهود والنصارى .

ثانياَ . من السنة :
1. قال  : "من رأى منكم منكراَ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع
فبقلبه .." .
دلالة العبارة في الحديث : وجوب تغيير المنكر باليد ,والانتقال إلى اللسان عند عدم
القدرة على التغيير باليد ، وهكذا .....
2. قال  : "من يسأل الناس أموالهم تكثراَ ,فإنما يسأل جمراً فليستقل، أو ليستكثر" .( أخرجه مسلم )
دلالة العبارة هنا : حرمة سؤال الناس والتسول لغير حاجة .
3. قال  : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني, والنفس بالنفس , والتارك لدينه المفارق للجماعة " .( متفق عليه) .
دلالة العبارة هنا: تحريم قتل المسلم إلا بارتكاب أحد الجرائم الثلاث السابقة .
وعليه/ فإن دلالة العبارة تشمل ما يفهمه السامع من الخطاب سواء كان مقصوداً أصالة ، أو تبعاً .
الأمثلة :
1. قال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) . (البقرة :275).
دلالة العبارة : علي حل البيع ، وتحريم الربا ، كما دلت على عدم المماثلة بين البيع ، والربا.
وهذا يتم فهمه بدون بحث عن شواهد ، أو قرائن .
المقصود أصالة:َ نفي المماثلة بين الربا والبيع ؛لأن المشركين ادعوا المماثلة، فالنص سيق لأجله .
والمقصود تبعا : دلت العبارة على حل البيع ، وتحريم الربا , ولم يسق النص لأجله .
2. قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) .(الإسراء: من الآية33) .
المقصود أصالة : تحريم قتل النفس ظلما بدون وجه حق .
المقصود تبعاَ : حل قتل النفس المعتدية عدم سياق النص لذلك.
3. قال تعالىSmileَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ ..) . (آل عمران :118) .
المقصود أصالة : حرمة اتخاذ غير المسلمين أولياء ،وجاء النص يدل على ذلك .
المقصود تبعاَ : وجوب اتخاذ البطانة من المؤمنين ، والنص لم يسق لذلك .
4.قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) . (النساء: من الآية3) .
المقصود أصالة : 1. جواز التعدد بين الزوجات في حدود الأربعة .
2. الاقتصار على الواحدة عند الخوف من الظلم ، لأن الآية سيقت لذلك .
والمقصود تبعاَ : جواز النكاح: وهو مقصود الشارع ، ولكن لم يسق النص لذلك .
ج. حكم دلالة العبارة :
إن حكم دلالة العبارة تفيد الوجوب , وهو أقوى أنواع الدلالات .

ثانياً. دلالة الإشارة :
أ‌. تعريف دلالة الإشارة :" هي دلالة اللفظ على المعنى الذي لا يتبادر فهمه من ألفاظ النص , ولا يقصد من سياق اللفظ لا أصالة ، ولاتبعاً, ولكنه يفهم من الكلام , ولا يستفاد من العبارة نفسها،ويحتاج إلى إعمال العقل ، وشحذ الذهن" .
أو هي : " دلالة اللفظ على المعنى الذي لا يتبادر فهمه من ألفاظ النص، ولا يقصد من
سياقه ,ولكنه معنى لازم للمعنى المتبادر من اللفظ " .
الأمثلة :
أولاَ. من القرآن :
1. قال تعالى: ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) .( البقرة:187)
دلالة العبارة : يحل للزوج جِماع زوجته طوال الليل في شهر رمضان في أي وقت يشاء.
دلالة الإشارة : صحة صوم الزوج إذا أصبح جُنباَ وهذا ليس مقصود من النص لا أصالة،
ولا تبعاَ؛ لعدم دلالة الآية على ذلك .
2. قال تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (الأنبياء: من الآية7).
دلالة العبارة : وجوب سؤال الجاهل لأهل العلم حتى يتعلم منه أحكام دينه .
دلالة الإشارة : يجب على الأمة إعداد العلماء ليقوموا بتعليم الناس،وهذا ليس مقصود
أصالة،ولا تبعاَ .
3 . قال تعالى : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ...) .(آل عمران: من الآية159) .
دلالة العبارة : يجب على المسئول استشارة أهل الحل والعقد.
دلالة الإشارة: يجب على الأمة أن تفرز من بين أفرادها أهل شورى حتى يستشارون،
وتتحقق الشورى .
4. قال تعالى: ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) . ( الأحقاف : الآية 15) .
وقال تعالي : ( وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ). (لقمان : الآية 14) .
دلالة العبارة في الآية الأولى : مجموع أشهر الحمل والرضاع حتى الفطام 30 شهراً .
وفي الآية الثانية : مدة الرضاع حتى الفطام 24 شهر .
دلالة الإشارة : أقل مدة الحمل 6 أشهر .
وهذه دلالة إلتزامية : أي يلزم من القول : أن مدة الحمل والرضاعة 30 شهراَ, ومدة
الرضاعة 24 شهراَ , فيكون : أقل الحمل 6أشهر.
5 . قال تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) . (البقرة : الآية 223) .
دلالة العبارة : يجب على الوالد أن ينفق على الأم المرضعة, وينسب الولد لأبيه .
دلالة الإشارة تفيد أن :
1. أن مال الولد مال لأبيه؛ لأنه هو نفسه لأبيه، لقوله عليه السلام : " أنت ومالك
لأبيك ".
2. إن الوالد مقدم على غيره في الإنفاق عليه من مال ولده، فهو مقدم على غيره من
الأقارب.
ثانياً . من السنة :
1. قال  : " من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " . ( أخرجه مسلم ) .
دلالة العبارة : وجوب بيعة الأمير، ويحرم عدم مبايعته ، وبراءة الذمة بأدائها .
دلالة الإشارة : يجب على الأمة أن تنصب عليها أميراَ حتى يتحقق واجب البيعة .
2.قال  : " ومن بايع إماماَ فأعطاه صفقة يده ,وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ,فإن جاء
آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر " . ( أخرجه مسلم )
دلالة العبارة : وجوب طاعة الإمام بالقدر المستطاع .
دلالة الإشارة: يجب على الأمة أن تنصب عليها إماما يسمعون له ويطيعونه .
الفرق بين دلالة العبارة ,ودلالة الإشارة ما يلي :

دلالة الإشارة دلالة العبارة
هي الفهم الغير المتبادر إلي ذهن السامع، وتحتاج إلي جهد عقلي كبير. 1 هي الفهم المتبادر إلى ذهن السامع من الكلام ، ولا يحتاج إلى جهد عقلي كبير. 1
هي دلالة اللفظ علي معني غير مقصود أصالة،أو تبعا، والعبارة تستلزم المعني الذي في النص . 2 هي دلالة اللفظ على المعنى المقصود أصلياَ ، أو تبعاَ. 2
دلالة الإشارة لا يفهمها إلا الفقيه. 3 دلالة العبارة يفهمها الفقيه، والعامي . 3
دلالة العبارة أقوى من دلالة الإشارة. 4
يُقدم الحكم المستنبط دلالة العبارة على الحكم المستنبط من دلالة الإشارة في حالة التعارض. 5

ثالثا . دلالة النص :
أ‌. تعريف المقصود بدلالة النص :" هو المعنى الذي ُيفهم من روح النص ،
أو معقوله ".
أو هو : " اللفظ الذي يدل على أن حكم المنطوق به ثابت لحكم
المسكوت عنه لفهم علة ذلك الحكم بمجرد العلم باللغة" .
أو هو : " القياس الجلي" .
أو هو : " المعنى الذي يتوصل إليه العربي سواء كان فقيهاً ، أو
غير فقيه إذا كان من أهل اللسان العربي وسواء كان
مسلماً ، أو غير مسلم
الأمثلة :
1. قال تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ) . (آل عمران: من الآية75) .
دلالة العبارة : أ. يوجد من أهل الكتاب الأمين الذي يؤدي الأمانة ولو كانت كبيرة .
ب. يوجد من أهل الكتاب من يخون الأمانة ولو بلغت ديناراً .
دلالة النص : أ. الذي يؤتمن على الكثير من باب أولى أن يؤتمن على القليل .
ب. الذي لا يؤتمن على القليل فمن باب أولى أن لا يؤتمن على الكثير.
2. قال تعالىSad.. فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً..) . (الإسراء: الآية23) .
دلالة العبارة: تحريم التأفف .
دلالة النص: تحريم الضرب من باب أولى ، وهذا قياس جلي .
3. قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) . (النساء : الآية 10) . دلالة العبارة : تحريم أكل أموال اليتامى.
دلالة النص : إن الاعتداء على أموال اليتامى بالحرق والإتلاف حرام مثل الأكل لأموال
اليتامى ظلماَ.
فالدلالة هنا: لغوية وليست قياسية وإن كانت قياساَ جلياً ، كما يقول الأصوليون .
4. قال تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) .( النساء: الآية 92)
دلالة العبارة : يجب على القاتل خطأ تحرير رقبة مؤمنة, وفي حالة عدم الاستطاعة ,
عليه صيام شهرين متتابعين .
دلالة النص: القاتل العمد أولى بالكفارة من قاتل الخطأ ؛ لوجود القصد والعدوان ،
فتجب عليه تحرير رقبة مؤمنة ، وفي حالة عدم الاستطاعة صيام
شهرين متتابعين .
5. اختلف الفقهاء في دلالة النص : فيما روي عن أبي هريرة في الرجل الذي واقع زوجته في نهار رمضان فأوجب عليه النبي الكفارة …
دلالة العبارة: إن الذي يجامع زوجته في نهار رمضان يستوجب الكفارة.
دلالة النص: إن الأكل والشرب عمداَ يوجب الكفارة بجامع الاعتداء على حق الله.
فالحنفية : يرون وجوب الكفارة على من جامع زوجته في رمضان, ومن أكل، أو شرب عمداَ
الشافعية : لم يعتبروا دلالة النص في الحديث ؛ بل هو خاص بالجماع، وجاء على غير
القياس، فلا يقاس عليه غيره، فالذي أفسد صومه من غير الجماع لم يأمره
النبي  بالكفارة .
ب. حكم دلالة النص :
1. إن الحكم الثابت بدلالة النص قطعي, واختلف العلماء في حكمه إلى قولين
القول الأول: ذهب الحنفية إلى أن دلالة النص أضعف من دلالة الإشارة,
ويقدم دلالة الإشارة على دلالة النص عند التعارض .
القول الثاني: ذهب الشافعية إلى اعتبار دلالة النص أقوى من دلالة
الإشارة ,وتقدم دلالة النص على دلالة الإشارة عند التعارض .
رابعاَ. دلالة الاقتضاء:
أ. تعريف الاقتضاء في اللغة : الطلب , ومنه اقتضى حقه : أي طلبه .
ب. في الاصطلاح : " هو اللفظ الذي يدل على شئ مسكوت عنه، ويتوقف
صدق الكلام على ذلك المسكوت، أو يتوقف عليه صحة
الكلام شرعاَ ".
أو هو :" تقدير لفظ يتوقف عليه صدق الكلام شرعاً وعقلا والتقدير مقصود
شرعاَ "؛ لأنه لا يستقيم المعنى إلا بهذا التقدير.



الأمثلة :
1. قال تعالى : (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ...). (الأعراف : الآية
163) . القرية : مجموعة من الدور والعقار وهي لا تخاطب , والمقصود أهل هذه القرية .
التقدير : هو Sad أهل ) ؛ أي (واسألهم عن أهل القرية … ، وهذه هي دلالة الاقتضاء .
2.قال تعالى: ( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا
لَصَادِقُونَ).(يوسف:الآية 82).
القرية , والعير : جمادات لا تتكلم .
دلالة الاقتضاء: ( تقدير لفظ أهل القرية ,وأهل العير) .
3.قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ)
الموقوذة : هي التي ماتت بالضرب , والميتة : هي التي ماتت بدون ذبح .
دلالة الاقتضاء : ( تقدير لفظ الأكل ) .
4. قال عليه السلام:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ". (الجامع الصغير :1/115)
دلالة الاقتضاء : ( تقدير لفظ إثم) .

ج .أقسام دلالة الاقتضاء :
تنقسم دلالة الاقتضاء إلى ثلاثة أقسام هي :
القسم الأول: ما يتوقف على تقديره على صحة الكلام عقلاَ :
مثاله :
1. قال تعالى (حرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ.. ) .( المائدة : الآية 3)
دلالة الاقتضاء : تقدير كلمة ( النكاح ) ، وهي التي يتوقف عليها صحة الكلام عقلاََ
وقال ابن بدران : " إن العقل يأبى إضافة التحريم للأعيان فوجب إضمار فعل يتعلق به
التحريم وهو (الوطء) ، فكان المعنى : ( حرمت عليكم …
2.قال تعالى: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ) . (العلق:الآية 17) . النادي : وهو البناء ، وهو جماد لا يستعان به في الشدائد , والذي يستدعي به أهل النادي
فدلالة الاقتضاء : تقدير لفظ ( أهل )؛ حيث يتوقف عليها صحة الكلام عقلاَ .



القسم الثاني: ما يتوقف على تقديره صحة الكلام شرعاَ :
مثاله :
1.قال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ
أَيَّامٍ أُخَرَ). (البقرة : الآية 185) .
دلالة الاقتضاء : هو تقدير لفظ (فأفطر) بعد كلمة سفر ؛ لأن القضاء لا يكون إلا بعد
الإفطار بسبب السفر، وهذا يتوقف عليه صحة الكلام شرعاَ .
القسم الثالث. ما يتوقف على تقديره صدق الكلام :
مثاله :
1.قوله  : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ". ( الجامع الصغير :1/115) .
دلالة الاقتضاء: تقدير لفظ (إثم).
2. قوله  Sad لا عمل إلا بالنية ) .
دلالة الاقتضاء: لا عمل صحيح إلا بالنية, وهذا تقدير يتوقف عليه صدق الكلام,
فالعبادات لا يمكن وجودها بدون نية, فكان إضمار الصحة من
ضرورة صدق كلام المتكلم.
3.لما نسى عليه السلام في الصلاة الرباعية فصلاها ركعتين ، فقال له رجل يقال له ذو اليدين : يا رسول الله أنسيت ، أم قصرت الصلاة ، فقال عليه السلام : " لم أنس ولم تقصر . قال بلى ، وقد نسيت " . ( متفق عليه ) .
دلالة الاقتضاء: (ظني) ، أي لم أنس في ظني وهذا دلالة على صدق الكلام .
4. قال  : " من لم يُبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له " . ( رواه الخمسة ) .
دلالة الاقتضاء: تقدير لفظ ( لا يقع صحيحاَ) حتى يصدق الكلام ، فقدرت كلمة
( صحيحاَ) .
د. حكم دلالة الاقتضاء :
الثابت بدلالة الاقتضاء مثل الثابت بدلالة النص في القطع إلا عند التعارض فيقدم دلالة النص على الاقتضاء .
مراتب الدلالات وتعارضها :
1. مراتب الدلالات عند الحنفية :
أ. دلالة العبارة ب. دلالة الإشارة ج. دلالة النص د. دلالة الاقتضاء
أولاً.حكم تعارض دلالة العبارة مع دلالة الإشارة :
إذا تعارض الحكم الذي يدل عليه دلالة العبارة مع الحكم الذي تدل عليه دلالة الإشارة ؛ فإن دلالة العبارة تقدم على حكم دلالة الإشارة .
الأمثلة :
المثال الأول :
1. قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). (البقرة الآية 179) . 2. وقال تعالى: ( النفس بالنفس) . ( المائدة : الآية45) .
3. وقال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ
وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) . (النساء:93) . دلالة العبارة: في الآية رقم (1),(2) ، تدل على وجوب قتل القاتل ؛ أي المماثلة في
العقوبة .
دلالة الإشارة: في الآية رقم (3) أن القاتل العمد لا عقوبة عليه في الدنيا وقد تعمد
القتل فنجد التعارض بين دلالة العبارة، ودلالة الإشارة .
الراجح: تقديم دلالة العبارة على الإشارة .
وعليه : فإن القاتل العمد يُقتل ترجيحاَ لدلالة العبارة على الإشارة .
المثال الثاني :
1. قال تعالى: (َعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) . ( القرة : الآية 233) .
2. وفي الحديث: ( من أحق الناس بصحابتي ؟ قال : أمك ثلاث مرات، ثم أبوك مرة
واحدة ..
دلالة الإشارة : في الآية أن الولد ملك أبيه فالأب مقدم علي غيره في النفقة علي سائر
الأقارب والأم معهم .
دلالة العبارة: في الحديث تدل على أن الأم مقدمة على الأب .
الراجح : يقدم الحكم الذي دلت عليه دلالة العبارة على الحكم الذي دلت عليه دلالة الإشارة .
وذهب الجمهور:إلى أن الأم تفضل في البر على الأب .

ثانياً. حكم تعارض دلالة الإشارة مع دلالة النص :
اختلف الفقهاء في حكم تعارض دلالة الإشارة مع دلالة النص على قولين :
القول الأول: ذهب الحنفية إلى أن دلالة الإشارة تقدم على دلالة النص .
الأدلة: إن دلالة الإشارة جاءت من منطوق النص ,ودلالة النص هي مفهوم النص ,والمنطوق مقدم على المفهوم .
القول الثاني: ذهب الشافعية إلى تقديم دلالة النص على دلالة الإشارة .

الأدلة :
1. إن دلالة النص قريبة من دلالة العبارة ؛ لأنها تفهم من النص .
2. إن دلالة الإشارة لا تفهم من النص ؛ بل تفهم من لوازم النص .
3. إن المعنى في دلالة النص واضح من مقصد الشارع بخلاف اللوازم فقد تكون مقصوده، أو غير مقصودة

الأمثلة :
1. قال تعالى: ( ومن قتل مؤمناَ خطاَ فتحرير رقبة ودية مسلمة إلى أهله ). ( النساء : الآية 92).
2. وقال تعالى: (ومن يقتل مؤمناَ متعمداَ فجزاؤه جهنم خالداَ فيها وغضب الله عليه ولعنه
وأعد له عذاباَ عظيماَ ) . ( النساء : الآية 93) .
دلالة النص في الآية الأولى: وجوب الكفارة على القاتل العمد من باب أولى .
دلالة الإشارة في الآية الثانية : عدم وجوب الكفارة على القاتل العمد .
وعليه :
أ. الراجح عند الحنفية : تقديم دلالة الإشارة على النص ، فقالوا : لا تجب الكفارة على
القاتل العمد .
ب.الراجح عند الشافعية : تقديم دلالة النص على الإشارة ، فقالوا : تجب الكفارة على القاتل
العمد .

ثالثاً. ما الحكم إذا تعارضت دلالة النص مع دلالة الاقتضاء مع التمثيل ؟
تقدم دلالة النص على دلالة الاقتضاء .
الأمثلة :
المثال الأول :
1. قال تعالى: ( ومن قتل قوماَ خطأَ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) .( النساء
: الآية 92)
3. وقال : " رفع عن أمتي الخطأ ،والنسيان ، وما استكرهوا عليه ). ( الجامع الصغير
:1/115).
دلالة النص في الآية : إن المخطأ يعاقب بالكفارة , وهي توبة له .
دلالة الاقتضاء في الحديث : تقدير كلمة (إثم ) ، وهذا يقتضي عدم معاقبة المخطئ .
فالمخطئ هنا في القتل بعبارة النص يعاقب بالكفارة ، وإن دلالة الاقتضاء لا ترتب على القاتل خطأ عقوبة وهذا تعارض ؟
فيقدم الحكم الذي دلت عليه العبارة (النص) على دلالة الاقتضاء ويكون ( القاتل خطأ عليه كفارة
المثال الثاني :
1.قال : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"
2.وقال  : " من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ". ( أخرجه
البخاري ).
الحديث الأول: دلالة الاقتضاء لا بد من تقدير كلمة (إثم) ،وهذا يقتضي عدم معاقبة المخطئ .
الحديث الثاني: دلالة النص أن نسيان الصلاة يستوجب القضاء وهو كفارة .
فيكون التعارض بين الحديثين الأول: المخطئ لا كفارة عليه , والثاني عليه كفارة .
فيقدم دلالة النص على الاقتضاء ويكون المخطئ عليه كفارة .

د طلال النجار
د طلال النجار
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 268
ذكر العمر : 71
المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) 112

http://www.4shared.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Empty رد: المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2)

مُساهمة من طرف وفاء الثلاثاء مارس 29, 2011 6:22 pm

اختلاف العلماء رحمه بهالأمه
وفاء
وفاء

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Fss

عدد المساهمات : 19
انثى العمر : 38
المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) 112

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Empty رد: المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2)

مُساهمة من طرف امحمد يحيى الثلاثاء فبراير 14, 2012 11:40 pm

شكرا جزيلا على هذه المعلومات القيمة
امحمد يحيى
امحمد يحيى

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Fss

عدد المساهمات : 1
ذكر العمر : 54
المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) 112

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Empty رد: المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2)

مُساهمة من طرف ابوالتيمان الأحد ديسمبر 09, 2012 7:58 pm

جزيت وبوركت أجلَ علوم الاسلام وفقك الله فى بيانه
ابوالتيمان
ابوالتيمان

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Fss

عدد المساهمات : 2
ذكر العمر : 66
المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) 112

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) Empty رد: المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2)

مُساهمة من طرف د طلال النجار الثلاثاء ديسمبر 11, 2012 9:30 pm

شكرا للأخوين ابو التيمان ومحمد يحي على جهدهما وأتمنى منكما اثراء المنتدى بما فيه فائدة علمية للمسلمين وطلاب العلم الشرعي ولو بالقليل مما عندكم وبارك الله فيكما
د طلال النجار
د طلال النجار
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 268
ذكر العمر : 71
المحاضرة الأولي لمقرر أصول الفقه الاسلامي (2) 112

http://www.4shared.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى