دروس في علوم القرآن

المكي والمدني (1):

لمعرفة المكي من المدني إعتمد العلماءُ على منهجين أساسيين :
1. المنهج السماعي (النقل): ويستند إلى الرواية الصحيحة عن الصحابة .
2. المنهج القياسي الاجتهادي (العقل): ويستند إلى خصائص المكي وخصائص المدني .

هناك أكثر من رأي في تعريف المكي والمدني :
الأول : باعتبار زمن النزول " فالمكي : ما نزل قبل الهجرة ، والمدني : ما نزل بعد الهجرة ، وهذا القول هو أرجح الأقوال كما ذكر العلامة السيد محمد بن علوي المالكي في كتابه "زبدة الإتقان في علوم القرآن".
الثاني : باعتبار مكان النزول " فالمكي : ما نزل بمكة وما جاورها ، والمدني ما نزل بالمدينة وما جاورها .

ولمعرفة المكي والمدني فوائدٌ جمة منها :
1) معرفة أسلوب الدعوة ومراحلها ، وطريقة دعوة الناس إلى دين الله تعالى وفق منهج الأولويات. (لكل مقام مقال)
2) معرفة الناسخ من المنسوخ ، فالمتأخر ينسخ المتقدم .
3) الوقوف على السيرة النبوية ومعرفة أحداث الحياة النبوية .

أسباب النزول (2):

نزل القرآن على نوعين : نوع نزل ابتداء ، ونوع نزل عقب واقعة أو سؤال .
والنوع الثاني هو الذي بذل فيه العلماء جهودهم لمعرفته أسباب نزوله .

هل للسبب تأثير في تحديد الحكم ؟
خلاف بين العلماء والأصح أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، قال الحافظ السيوطي : من الأدلة على اعتبار عموم اللفظ ، احتجاج الصحابة في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة ، وهذا شائع معروف بينهم .

وللعلم بأسباب النزول فوائد منها :
أ‌. معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الأحكام .
ب‌. طريق مهم في معرفة معاني القرآن وفهمها لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب .

هناك مصدر واحد فقط لمعرفة سبب نزول آية ما ألا وهي الرواية الصحيحة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فليس هنا مجال للاجتهاد بالرأي .

جزاكم الله خيرا على الموضوع القيم ..
نسأل الله ان يكون في ميزان حسناتكم ..
نتمنى منك المزيد..

الأخ/ أبو عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،،
ما أجمل الحديث عن علوم القرآن الكريم في هذه الأيام والتي أصبح فيها الحديث السياسي هو الأهم لدى الشباب المسلم ؛ ولكنك أخي أبا عبد الله أردت أن ترد الشباب إلى أصل السياسة وهو التعرف على كتاب الله من خلال علومه الشرعية ، والتي تساعد الداعية إلي الله في كيفية التعامل مع الآخرين ، وكان بودي أن تذكر في الحلقة القادمة ما هو الفرق بين المكي والمدني ؟
شكراً لك أخي أبو عبد الله على هذا الجهد المتواضع لدى منتدي الفقة الاسلامي وأصوله ، ولنا الفخر بك وبما تكتبه لرواد طلبة العلم الشرعي ، وهل من مزيد ؟
أخوك العبد الفقير / أبوحذيفة ،،،،ن

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الدكتور طلال النجار وجزاكم الله خيرا ..


المحكم والمتشابه (3) :

قال تعالى : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) أل عمران 7 ، فالمحكم : المتقن ، والمتشابه : المتماثل ، وعلى هذين المعنيين القرآن كله محكم ـ أي أنه كلام متقن فصيح ، وهذا معنى الإحكام من حيث العموم ـ قال تعالى : ( الر ، كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) هود 1-2
والقرآن كله متشابه ـ أي يشبه بعضه بعضا في الكمال والإتقان ، وهذا معنى المتشابه من حيث العموم ـ قال تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ..) الزمر23

أما المعنى الخاص لكل من الإحكام والمتشابه كما في آية آل عمران ، فقد اختلف علماء التفسير في ذلك إلى أقوال أهمها :
1) المحكم : ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل ،، والمتشابه : ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة ، والحروف أوائل السور .
2) المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا ،، والمتشابه : ما احتمل أكثر من وجه .
3) المحكم : ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان ،، والمتشابه : ما لا يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان .

وعادة ما يمثلون على المحكم في القرآن بناسخه وحلاله وحرامه وحدوده ووعده ووعيده . وللمتشابه بمنسوخه وآيات الصفات وأوائل السور المفتتحة بالحروف ، كما ذكر الشيخ مناع القطان في كتابه مباحث في علوم القرآن .

- واختلف هل المتشابه يمكن أن يطلع على علمه أم لا ؟ ومنشأ الخلاف قوله تعالى : ( والراسخون في العلم ) هل هو معطوف أم مبتدأ ، وجمهور الصحابة وتابعيهم أن المتشابه لا يعلمه إلا الله .

- من المتشابه آيات الصفات ، وجمهور أهل السنة على الإيمان بها وتفويض معناها إلى الله تعالى ، وذهبت طائفة من أهل السنة على أننا نؤولها على ما يليق بجلاله جل وعز ، وهذان القولان كثير ما يحكيهما الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم وكذا الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ، وكذا القاضي عياض في شرحه أيضا على صحيح مسلم وغيرهم .

قال الزركشي في حكم الآيات المتشابهات الواردة في الصفات : ( وقد اختلف الناس في الوارد منها في الآيات والأحاديث على ثلاث فرق :
أحدها : لا مدخل للتأويل فيها ، بل تجري على ظاهرها ، ولا تؤول شيئا منها ، وهم المشبهة .
وثانيها : أن لها تأويلا ولكنا نمسك عنه مع تنزيه اعتقادنا عن الشبه والتعطيل ونقول لا يعلم إلا الله وهو قول السلف .
وثالثها : أنها مؤولة ، وأولوها على ما يليق به .
والأول باطل ، والأخيران منقولان عن الصحابة ... ـ إلى أن قال ـ قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : وعلى هذه الطريقة مضى صدر الأمة وسادتها وإياها اختار أئمة الفقهاء وقادتها ، واليها دعا أئمة الحديث وأعلامه ولا أحد من المتكلمين من أصحابنا يصرف عنها ويأباها ) اهـ البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي .

التفسير ومدارسه (4) :

التفسير هو : العلم الذي يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه ؛ وعلم التفسير من أجلّ العلوم الشرعية وأشرفها لارتباطه بمصدر الوحي الأول .
وكان صلى الله عليه وآله وسلم المبين الأول للقرآن الكريم ، كما أمره الله تعالى ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) النحل44 ، ومن معينه استقى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، حيث كان أكثرهم يفهم القرآن ويعلم أحكامه لكن يتفاوتون في ذلك ، كما قد يغيب عن بعضهم معنى آية أو كلمة فيرجع إلى معلمه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيزيل عنه إشكاله ، أو قد يبين النبي صلى الله عليه واله وسلم ما يحتاج إلى بيانه من دون أن يُسأل في ذلك ، والأمثلة على ما ذكرنا مبسوطة في كتب علوم القرآن .

ومن أشهر الصحابة الذين عُرفوا بالتفسير : الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وغيرهم .
وفي عهد التابعين ظهرت اتجاهات ـ أو مدارس ـ مختلفة في التفسير وفهم آي التنزيل ، ففي مكة كان الحبر ابن عباس واشتهر من تلامذته : سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وطاووس بن كيسان ، وعطاء بن أبي رباح .
وفي المدينة كان أبي بن كعب واشتهر من تلامذته : زيد بن اسلم ، وأبو العالية ، ومحمد بن كعب القرظي .
وفي العراق حيث ابن مسعود ، برز من تلامذته : علقمة بن قيس ، ومسروق ، وعامر الشعبي ، والحسن البصري ، وقتادة .
وهكذا تعددت المدارس وتنوعت فانتفعت الأمة بما خلفوه لنا من اجتهادات وآراء تثري الباحث وتوسع مدارك الطالب ، وتقوي الملكة عند المفسر .

أخي/ أبو عبد الله السلام عليكم كم نحن سعداء بكتاباتكم؛لأنهاذات فائدة علمية لطلبة الجامعات ولجميع المنتسبين للمنتدي الاسلامي ، فشكراً لك على ذلك ونسأل الله أن يكون ذلك في ميزان حسناتك